IMLebanon

عون يفضل الدعوة للاستشارات الملزمة بعد استكمال مروحة اتصالاته

 

ميقاتي يخلف نفسه في التكليف.. والتأليف نحت في الصخر

 

 

أما وقد طوي الاستحقاق النيابي، من خلال انتخاب الرئيس ونائبه وهيئة المكتب وأميني السر، واكتمال عقد المطبخ التشريعي بالأمس من خلال اتخاد اللجان النيابي ورؤسائها ومقرريها، ليكون المجلس قد اكتملت أوصافه وبات مستعداً لممارسة دوره التشريعي والرقابي، تتجه الانظار إلى الاستحقاق الثاني المتعلق بتأليف الحكومة والذي ينتظر أنه أصعب بكثير من الاستحقاق النيابي لناحية التكليف والتأليف، لا سيما وانه مضى على استقالة الحكومة الحالية أكثر من خمسة عشر يوماً وتحولها إلى حكومة تصريف أعمال.

 

حتى الساعة لا يوجد أي معطى يوحي بأن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بصدد توجيه الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا في وقت قريب، وفهم ان رئيس الجمهورية الذي يعي تماما التعقيدات التي تواجه مسألة هذا الاستحقاق كثيرة ومتشعبة وهو إزاء ذلك يتجه إلى تأخير مسألة الدعوة الى حين الانتهاء من مراوحة الاتصالات لتي بدأها مع القوى السياسية حول اسم الرئيس المكلف، وهو ذهب إلى أبعد من ذلك حيث يسعى لاستخراج الآراء حول شكل الحكومة، بمعنى أنه يريد أن تكون الأمور واضحة بالكامل قبل الشروع في الاستشارات الملزمة التي ستحمل الكثير من المواقف المتباعدة ولناحية اسم الشخصية التي يُمكن ان ترأس الحكومة، والشكل التي تريد القوى السياسية للحكومة العتيدة.

واذا كانت كل الاستحقاقات والملفات المفتوحة على الساحة الداخلية، وتلك التي لها تأثيرها الفعلي على لبنان من الخارج تحتم أن يكون في لبنان حكومة مكتملة الاوصاف تكون قادرة على مقاربة هذه الاستحقاقات والملفات والتعامل معها كما يتوجب، فإن المناخات السياسية السائدة حالياً تجعل أي مراقب يرى بأنه من سابع المستحيلات أن تولد الحكومة بشكل طبيعي وفي وقت قريب،لا بل ان هناك من يعتبر أن الاتفاق على حكومة جديدة صعب للغاية في هذه الظروف، وأنه ربما تقتصر الامور على تكليف شخصية لرئاسة الحكومة، وأنه يطول أمد البحث عن توليفة حكومية على مدى الخمسة أشهر المتبقية الى حين الاستحقاق الرئاسي، حيث انه لن يكون من المفيد خوض غمار معارك سياسية من شأنها أن تفاقم الوضعين الاقتصادي والمعيشي من التأليف حكومة لن يتجاوز عمرها الخريف المقبل.

ووفق المعلومات المستقاة من أكثر من جهة فإن الرئيس نجيب ميقاتي سيخلف نفسه في تأليف الحكومة الجديدة من دون أن يكون هناك أي مؤشرات جازمة بأنه سيكون قادراً على تأليف حكومة جديدة في ظل الانتظار السياسي الموجود والذي تكرّس تحت قبة البرلمان لانتخاب الرئيس ونائبه وهيئة المكتب واللجان.

وتكشف المعلومات عن وجود حراك فرنسي بعيداً عن الاضواء في اتجاه دول القرار لتأمين مرور آمن لكل الاستحقاقات الدستورية في لبنان وخصوصاً الاستحقاق الرئاسي، وأن هذا الحراك ما زال في بداياته وأنه لم يحقق الى الآن أية خطوات يمكن التأسيس عليها واعطاء ملامح واضحة لما سيكون عليه انتخاب الرئيس المقبل.

وفي تقدير أوساط سياسية مطللعة أن يكون هناك رئيس مكلف للتأليف أفضل من الابقاء على حكومة تصريف الاعمال، في حال وصلنا الى موعد الانتخابات الرئاسية ولم نكن قد توافقنا على اسم الشخصية التي ستجلس على كرسي الرئاسة في بعبدا في الست سنوات القادمة.

 

فرنسا تتأهب للقيام بحراك باتجاه دول القرار لتأمين المناخات الملائمة لانتخاب رئيس للجمهورية – وتجنب الفراغ

 

وفي موضوع التكليف فإن الأوساط ترى أن اعادة تكليف ميقاتي للتأليف مجدداً يبقى هو الحل الانسب كون ان المجتمع الدولي ودول القرار يبدون الرضى عن ميقاتي الذي في تقديرهم استطاع أن يقود الحكومة الى انجاز ما جاءت لتحقيقه وفي طليعة ذلك الانتخابات النيابية واعادة احياء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وتقديم خطة التعافي التي يمكن أن تساعد على ولوج الاصلاحات المطلوبة لمساعدة لبنان على تجاوز أزماته.

وعدا المناخات الخارجية الملائمة لإعادة تكليف ميقاتي في هذه الظروف، هناك معطيات داخلية تتلاقي مع المناخات الخارجية، بحيث أن المشهد السياسي الذي جاء بالرئيس نبيه بري الى البرلمان لولاية سابعة ربما يتكرر هو نفسه في عملية التكليف، بمعنى أن القوى السياسية التي انحازت الى جانب عودة بري الى رئاسة المجلس النيابي، هي نفسها ستنحاز الى جانب اعادة تكليف الرئيس ميقاتي مع فارق بسيط لن يكون له التأثير الفعلي على عدد الاصوات التي سيحصدها ميقاتي، هذا في حال لم يبرز في الايام القليلة اسم أي شخصية سنية أخرى يمكن ان تتولى مهمة تأليف الحكومة، وهو احتمال ضئيل لكنه يبقى موجوداً طالما ان الساحة السياسية غير ثابتة وهي دائمة الحركة في ظل تحالفات سياسية متحركة ظهرت في المجلس النيابي الجديد وتقوم تحالفاتها على القطعة، وهذا يقودنا الى توقع امكانية أن يسمي الرئيس ميقاتي لتولي الحكومة الجديدة ستون نائباً وربما يزيدون قليلاً، وهو أمر خاضع للاتصالات والمساومات التي طالما تحكمت بأي استحقاق سياسي في لبنان.

من هنا فان الاوساط السياسية ترى أنه اذا كانت مسألة التكليف سهلة، فإن مخاض التأليف سيكون عسيراً، وتدل على ذلك المعطيات السياسية اليومية التي تبرز على الساحة الداخلية بشكل يومي، وهي تؤكد بأن الانشطار السياسي العامودي والافقي الموجود ما زال هو سمة المرحلة الراهنة، وهذا الأمر يؤثر بشكل كبير على أي استحقاق مهما كان نوعه، ويُبقى الساحة السياسية عالقة في رمال متحركة، ربما باتت مسألة الخروج منها تحتاج الى تدخل خارجي مباشر عن طريق مؤتمر دولي يعقد ويفضي الى رسم اطار جديد للحكم في لبنان يتجاوز اتفاقي الطائف والدوحة.