الإستشارات «نسخة» عن الإستحقاقات الأخيرة… والحكومة بلون 8 آذار
لبنان غارق في ملف الترسيم البحري وتتبع ورصد حركة الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين، ولم يعد خافيا ان زيارة الأخير ساهمت في تأخير موعد الإستشارات النيابية الملزمة وتأجيلها لبعض للوقت، للإنتهاء من صياغة موقف رسمي موحد من المسألة، إلا ان المتوقع ان يدعو رئيس الجمهورية ميشال عون عما قريب للاستشارات التي سيكون مرشحها الجدي والأبرز رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
ومع ذلك، فان الدعوة للاستشارات لا تعني ان مهمة التأليف ستكون سهلة، ومسيرة الرئيس المكلف تعترضها مجموعة مطبات:
– أولا: ان صح ان الرئيس العتيد سيكون ميقاتي، فان الألغام التي تعترض علاقته بالنائب جبران باسيل لم تزل بالكامل، استنادا الى السجال الذي حصل في آخر أيام الحكومة الميقاتية مع ما يتردد عن اصرار رئيس «التيار الوطني الحر» على الاحتفاظ بحقيبة الطاقة، حتى لا يقال كما يقول المقربون من التيار ان التخلي عن الطاقة يثبت فشلهم بإدارتها.
يتحدث المطلعون عما يجري في مطابخ التكليف والتأليف، عن مطالب للأحزاب والتكتلات السياسية، فالثنائي الشيعي يبدو مصرا على وزارة المالية وان تسند الى وزير المال يوسف خليل، ويحكى ان ميقاتي يرفض أي شروط مسبقة، لأنه يدرك التحديات المقبلة، فأي رئيس حكومة سيحمل بين يديه كرة نار الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، وعلى الحكومة المقبلة ان تواجه الانهيار، وعليها إنجاز الإتفاق مع صندوق النقد وخطة التعافي ووقف الإنهيار.
بالمؤكد، فان الاستشارات النيابية مؤجلة الى ما بعد زيارة هوكشتاين الذي سيلتقي رئيس الجمهورية يوم الثلاثاء المقبل، مع إشارات ودوافع قد تدفع، كما تقول مصادر سياسية، الى تأجيل إضافي، فالدستور لا يلزم الرئاسة الأولى بمهلة محددة، وقد يكون خيار الوقت هو الوحيد المتاح للتوصل الى سلة متكاملة في موضوع التأليف قبل التكليف.
فالحكومة العتيدة هي آخر حكومات العهد، وستؤول إليها صلاحيات الرئاسة الأولى في تشرين الأول المقبل، وعليه فإن الانقسام لا يزال واضحا، فهناك من يتطلع الى حكومة تشبه حكومة ميقاتي لمرحلة انتقالية، في حين يعتبر فريق يمثله التيار الوطني الحر ان تأليف حكومة قوية هي فرصته الأخيرة من اجل تأمين استمرارية للتيار، اما إذا لم تتوفر لها الظروف فربما من الأفضل حينها عدم تشكيل حكومة إنطلاقا من تمسكه بسلاح عدم التوقيع.
لكن وان سار التكليف والتأليف كما يجب في التوقيت الصحيح، فان الحكومة المقبلة ستكون بلون حكومة ٨ آذار، استنادا الى ما جرى في استحقاقات البرلمان ورئاسة المجلس وانتخاب اللجان النيابية بسيطرة قوى ٨ اذار بالكامل على العملية الإنتخابية، فالاستشارات ستكون نسخة عن إستحقاقات أخرى سبقتها أثبتت فيها «قوى التغيير» والوافدون الجدد الى مجلس النواب فشلوا في توحيد مواقفهم، فتضعضع الصوت السني سيصب في خانة الممانعة، فيما ستذهب أصوات المستقلين في اتجاه الممانعة ايضا، اما الحزب «التقدمي الإشتراكي» فالمرجح ان توجهات المختارة ستكون على شاكلة ما فعلت في إنتخابات رئاسة المجلس النيابي، فيؤول الصوت «الاشتراكي» لمصلحة الرئيس المكلف بحجة الحفاظ على المصلحة العامة والوفاق الوطني.