IMLebanon

ما بعد الاستشارات

 

 

انتهت الاستشارات التي أجراها رئيس الحكومة المكلّف محمد نجيب ميقاتي كما كان متوقعاً لها أن تنتهي: من دون أي نتيجة! أساساً هذه استشارات غير مُلزِمة، والحرية متروكة للمستشير أن يأخذ بما استمع إليه كلياً أو جزئياً، أو ألّا يأخذ به على الإطلاق.

 

هذا من حيث المبدأ، أما في الواقع، فثمة اقتناع لدى الجميع بأن لا حكومة جديدة في الأيام المقبلة. والأرجح أن لا حكومة في الأسابيع المقبلة، وربما في الأشهر الآتية، وحتى ما بعد انتهاء العهد… فالعُقَد التي كانت وراء تأخر تأليف الحكومات في الماضي القريب، وبالذات منذ غياب الوصاية السورية، قد تفاقمت إلى حدٍّ بعيد  إضافة إلى ما حفلت به الحقبة الأخيرة من أحداث مروّعة وتطورات بالغة الخطورة وانهيارات شبه شاملة في المجالات كلها والقطاعات كافة، فبدا لبنان في أشدّ مراحل تاريخه المعروف تعاسةً، مع فقدان الأمل في أي إمكان للخلاص.

 

الاستشارات لم تسفر عن تكوين رأيٍ ما يمكن أن ينطلق منه التأليف. والعكس صحيح كونها بيّنت أنه يتعذّر، مع هكذا تركيبة في مجلس النواب، التوصل في المطلق إلى حكومة جديدة…  ويبدو أن الجميع، في الداخل والإقليم والخارج، قد توصّل إلى اقتناع بأن المرحلة هي فعلاً لتقطيع الوقت على حد ما أوردنا، هنا قبل يومين، وأن لا محاولات جدّية لتحقيق أي إنجاز في ما تبقّى من عهد الرئيس ميشال عون، فما لم يتحقق (أيّاً كانت الأسباب) طوال السنوات الماضية لن يتحقق في الأشهر القليلة الآتية… وهذه باتت مسَلّمة من الجميع. وأما ما يحسبه الرئيس ميقاتي وبعضهم من أن عدم إنتاج حكومة جديدة سيطلق اليد في تولّي شؤون البلاد إذا تعذر انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، فليس سوى حلم وردي، سرعان ما سيتكشف عن كوابيس مروّعة، أقله لجهة الاستحقاقات الداهمة، لا سيما الاجتماعية، هائلة الضغوط على الناس.

 

ومن المستحيل البناء على سراب من حيث احتمال التوصل إلى تفاهمات داخلية قد تؤدّي إلى انفراجات، لأسباب عديدة، قد يكون أبرزها قاطبة أن أطراف الداخل «مربوطة» بالخارج، وليست مرتبطة به وحسب…

 

إلّا إذا حدث انفراج دولي يبدأ بين واشنطن وطهران، ليمر في الرياض قبل أن يستقر في دمشق وبيروت… و»ليس عند الله أمر عسير»!