ما زالت الأجواء متوتّرة على خط بعبدا ـ السراي، وبالتالي، ليس في الأفق ما يشير الى أن الأمور تتّجه نحو حلحلة قريبة، إذ تشير المعلومات، إلى أن البعض حاول الدخول على خط التهدئة وعدم تفاقم الأمور بين الرئاستين الأولى والثالثة، لكن حرب المستشارين والمصادر من قبل الطرفين تفاعلت في الآونة الأخيرة، ويُتوقّع أن تستمر بفعل ما يُنقل عن صعوبة إيجاد أي صيغة للتوافق على تشكيلة حكومية ترضي الجميع، وبعدما بات الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، شبه مقتنع بأنه باقٍ على رأس حكومة تصريف الأعمال، وما زال يحظى بغطاء ودعم فرنسي، بينما اللافت، وبحسب المعلومات نفسها، أن الموقف الفرنسي الذي صدر على لسان السفيرة آن غريو، يؤكد المؤكد بأنه ليس هناك من حكومة في المدى المنظور، لا بل في ما تبقى من فترة قليلة على انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وعندما دعت غريو إلى إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها، مشدّدة على هذه المسألة، وتبيّن كذلك أن باريس لا تطالب أو تدعو، أو حتى تضغط على بعض الأطراف في لبنان من أجل تشكيل حكومة جديدة، بعدما بات الإستحقاق الرئاسي هو الأهم بالنسبة للفرنسيين وسواهم من المجتمع الدولي.
وعلى خط آخر، تابعت المعلومات، يظهر أيضاً أن السفيرة غريو التي تتواصل بعيداً عن الأضواء مع بعض الجهات اللبنانية الفاعلة، ومع كل الشرائح السياسية والحزبية اللبنانية، فهي تنقل موقف بلادها القاضي بعدم عرقلة الإستحقاق الرئاسي، ويجري الحديث بأنها، وخلال لقائها الأخير مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، طالبته ودعته لتحديد موعد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية العتيد وفق الدستور اللبناني، وذلك جاء في سياق حوار حول آليات وكيفية الإنتخاب مع بدء المهلة الدستورية في أيلول المقبل.
وهذا الواقع يُظهِر مدى الإهتمام الفرنسي بهذا الإستحقاق، وبناء عليه، فإن زيارة الرئيس ميقاتي إلى بعبدا قد تكون بعد عودته القريبة جداً من لندن، وإنما لن يصار خلالها إلى تحقيق أي تقدّم على الصعيد الحكومي، بل ستكون مقتضبة جداً، وتصبّ في إطار التشاور التقليدي حول تشكيل الحكومة، هذا إذا تم تحديد موعد قريب لميقاتي، بعد المعلومات الموثوق بها، التي تحدّثت بأن الرئيس عون، الذي لم يحدّد موعداً للرئيس المكلّف، قبل عيد الأضحى بيومين، ربما ما زال مصرّاً على أن تكون لدى الرئيس ميقاتي تشكيلة حكومية جديدة.
وهنا، تؤكد المعلومات، أن المساجلات ستبقى هي عنوان هذه المرحلة بين بعبدا والسراي، وبالتالي، قد تتوسّع رقعة الأزمة الداخلية في ضوء التصعيد بين عون وميقاتي من خلال فريقهما الإستشاري والسياسي، ما يدلّ أيضاً على أن ما من حكومة في المدى المنظور، فالمشاورات واللقاءات التي جرت وتجري في هذا الصدد، إنما هي محاولات يائسة للتأليف الذي لن يبصر النور في هذا العهد، بمعنى أن تلك الفرضية باتت هي الأكثر تداولاً.
ويبقى أخيراً، وفي موازاة هذه المساعي المتعثّرة والأجواء الضبابية، فإن كل الاحتمالات ستكون واردة بانتظار بعض المحطات الإقليمية والدولية، في خضم الصراع المشتعل في المنطقة، ووصولاً إلى زيارة الرئيس بايدن إلى بعض الدول الشرق أوسطية، بحيث بات من الواضح أن الملف اللبناني كان عنواناً بارزاً في هذه الجولة، وربما لهذه الأسباب مجتمعة يتمهّل أهل الحلّ والربط بالإقدام على أي خطوة قبل أن تتبلور نتائج هذه الزيارة، وعلى هذه الخلفية، كل الأمور واردة أكان على الصعيد الحكومي أو الإستحقاق الرئاسي، بينما المخاوف تبقى قائمة بفعل التردّي الإقتصادي الذي بدأ يزعزع كيان البلد ودولته ومؤسّساته.