التأليف يحتاج إلى مناخات هادئة وليست متشنجة
وكأن الملف الحكومي في سبات عميق ينتظر أي إشارة تعمد الى ايقاظه، يبدو المشهد قائما وفق هذا النحو، وعلى هذا الأساس يمكن القول: «لا حكومة ولا طل الخبر».. ومن يعول على تواصل بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في مناسبة عيد الجيش، فلن يجد نفسه على خطأ، طالما أن المناسبة وطنية، اما أي موعد مستجد قبل ذلك فيبقى في أطار التوقعات المستحيلة وغير المستحيلة.
واذا كان الانشغال بالملف الحكومي قد تراجع بشكل كبير، فإن زيارة منسق المساعدات الدولية السفير بيار دوكان إلى لبنان وملف ترسيم الحدود يشكلان محور المتابعة في هذه الفترة بالذات، على ان السفير دوكان لا يزال ينتظر تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لا بل كان واضحا في السؤال عن مصيرها، داعيا إلى استعجالها، في حين أن إشارات إيجابية رصدت في موضوع الترسيم. وتبقى مسألة الاستحقاق الرئاسي التي مع مرور الوقت تصبح وحدها التقطة المحورية لجميع الأفرقاء في لبنان.اذاً حكومياً ما من جديد أو قديم أو غيره، ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف ينتظران من يبادر إلى الإتصال أولا بالآخر، بعدما قال كل واحد ما لديه. فالرئيس ميقاتي يقول إنه طلب موعدا قبل سفره ولم يتم التجاوب معه، في حين أن رئيس الجمهورية يعتبر أن الرئيس ميقاتي لم يتصل به بعد عودته من السفر. وهنا من المستبعد حصول أي خرق قريبا.واشارت مصادر سياسية مطلعة الى ان الحملات والتسريبات التي تصدر من حين الى آخر لا تفيد ما لم يتم وضع أي حّد لها وكررت التأكيد أن تأليف الحكومة يحتاج الى مناخات هادئة وليس إلى مناخات متشنجة.
وتوقعت المصادر ان تكون مناسبة عيد الجيش في الأول من آب المقبل فرصة للقاء الرئيس عون والرئيس ميقاتي اذا لم يحصل أي تطور من اليوم حتى حلول موعد هذه المناسبة، على أن توافر النوايا هو الكفيل بمعالجة الملف الحكومي.
صرخة مدوّية لدوكان: الإصلاحات أولاً وأخيراً
إلى ذلك، لم تخرج زيارة السفير دوكان عن سياق المطلب المتكرر بالإستعجال الدولي المتكرر في السير بالإصلاحات، ولو أنه بدا خائب الظن في التقاعس في هذا الملف بالذات.وفي إقرار القوانين الإصلاحية ابرزها:مشروع قانون موازنة 2022وتعديل قانون السرية المصرفية وقانون الكابيتال كونترول الموجودة نصوصها في مجلس النواب،باعتبارها مدخلا لأي مساعدات دولية. وسواء تحدث بلهجة التأنيب أو المونة أو غيرها، قال صراحة للمعنيين: استعجلوا قبل فوات الأوان.
وأشارت المصادر الى ان زيارة دوكان تركزت على ثلاث نقاط أساسية:
– أولا: الاسراع في انجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي
– ثانيا: المحافظة على استقرار لبنان ومنع أي سبب لحصول أي تدهور فيه.
– ثالثا: إنجاز الاستحقاقات الدستورية أبرزها الاستحقاق الرئاسي في موعده مع العلم أن دوكان استفسر عن مسار تأليف الحكومة الجديدة.
وفي كل لقاءاته كان تشديد فرنسي على مواصلة دعم لبنان،مع العلم أن المساعدات الإنسانية مستمرة بشكل مباشر للجمعيات والمؤسسات المعنية من خلال صندوق الدعم الفرنسي-السعودي.
وكشفت المصادر أن دوكان يأمل في أن يضغط الرئيس عون في اتجاه إنجاز الإصلاحات قبل نهاية ولايته كي يتم التوقيع النهائي مع صندوق النقد الدولي.ولفتت المصادر الى ان دوكان أبلغ المعنيين أن اي مساعدة تبقى محدودة اذا لم تكن نتيجة عمل جماعي وان الدول الأوروبية جاهزة للمساعدة لكنها تتوقع تنفيذ الإصلاحات المنشودة.
على صعيد آخر، تتقاطع معلومات مفادها أن ملف ترسيم الحدود سيصار إلى تحريكه بعد رصد إشارات معينة أبلغتها السفيرة الأميركي دوروثي شيا الى المسؤولين اللبنانيين في خلال جولتها الأخيرة،وكشفت المصادر السياسية أن السفيرة شيا قالت إن الأمل بالوصول الى تحريك المفاوضات في ترسيم الحدود لم يفقد،وأشارت المصادر الى أن الموقف الرسمي الموحد يصب في هذا السياق كما ان الجانب الاسرائيلي ابدى خلال محادثاته مع الوسيط الأميركي آموس هوكستين تجاوبا مع مبدأ استئناف المفاوضات.وافادت المصادر ان الاشارات الاميركية أوحت ان الأفق ليس مسدودا على رغم المناخ المتشنج الذي سببته المسيّرات التي أطلقت.
وقالت المصادر إن هناك ايجابيات في هذا الملف وأن ثمة معطيات تشير الى احتمال مجيء هوكستين الى المنطقة وزيارة لبنان قريبا متوقعة ذلك نهاية تموز مع العلم أن ثمة جهودا تبذل لتقريب موعد هذه الزيارة الى اواخر الشهر الحالي.
وفيما لم تتوضح صورة الإتفاق النهائي بشأن الترسيم تردد أن المطلب اللبناني بالخط «+23 « مع حقل قانا كاملا لا يزال هو السائد في المفاوضات.
وعلى ما يبدو فإن ثمة ملفات تتقدم وأخرى تتراجع لا بل تكاد تختفي كليا وكله متوقف على الأولويات كما كانت عليه الحال دائما.