Site icon IMLebanon

يَحرُث في بحر  

 

لسنا نطلب الكثير، ولا فوق طاقة أحد، عندما نُطالب بحقّنا، نحن اللبنانيين، في أن نعرف ماذا يجري في كواليس عملية تأليف الحكومة. حقّنا في أن نعرف من دون أن نتسبّب بأيّ تحرّج لأي طرف. أصلاً لا نقصد ذلك. إذ إننا نعرف أنّ الجميع مأزومون، ولسنا من الذين يزيدون في طينهم بلّة.

 

في الأيام الأولى للتأليف كتَبتا نؤيّد التكتّم، مخافة أن يؤدي الإفصاح عن ماهيّة المشاورات الدستورية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري إلى إفساد الطبخة الحكومية، التي كان في الظنّ، وربّـما في اليقين، أنها على نار حامية.

 

أما اليوم، والطبخة هي، حتى إشعار آخر، طبخة بحص، بات من واجب المرجعيّتين اللتين تتولّيان إنضاجها أن تُصارحا اللبنانيين بالحقائق.

 

نقرأ ونسمع ونُشاهد في مختلف وسائط الإعلام القول ونقيضه… ويبدو أنّ دور بعبدا وبيت الوسط لم يعد مُنصبّاً على التأليف قدر ما هو مُنصرف إلى إصدار بيانات النفي، فالتأكيد على أنّ الأمور «تتقدّم» وأنّ «الإيجابيّة» هي عنوان المرحلة، ومع ذلك تطلع أوساطهما أو المقرّبون منهما بكلام يُناقض البيانات ويلتقي مع ما يتسرّب أو يُسَرّب من هنا وهناك.

 

إنّ إبقاء البلد من دون حكومة في هذه المرحلة الدقيقة والعصيبة من تاريخ لبنان، هو خطأ بمثابة الخطيئة العظمى. ونحن نودّ أن نعرف ما هي الأسباب: أداخليةٌ هي أو خارجيّة؟ وأيّ طرف في الداخل أو في الخارج أو في الإثنين معاً لا يُريد للبنان حكومةً سويّةً؟ فهل من يُفيدنا بالحقيقة؟

 

نشرنا إثر التكليف الذي تجاوز الشهر من أمده، خلاصة تقرير ديبلوماسي غربي ورد فيه أنّ الأميركي لم يكن مرتاحاً إلى المبادرة الفرنسية وأنه منزعجٌ من أن تبلغ مداها بتأليف حكومة جامعة في لبنان. ونسب التقرير إلى مسؤول «بارز» في الإدارة الأميركية قوله: صحيح أننا لا نُحبّذ مبادرة ]الرئيس الفرنسي إمانويل[ ماكرون، ولكننا لن نُعلن هذا الموقف، فقط سنتصرّف. وسيكتشف الإليزيه أنه يحرُثُ في بحر.

 

فهل هذا صحيح؟