تتضارب المعلومات حول تشكيل الحكومة إلى حدٍ كبير. فمن قائلٍ إنها على نار حامية إلى قائلٍ إنها في الثلاجة، وإن إخراجها منها دونه عراقيل وصعوبات وشروط! ويُرافق ذلك كمٌ ضخمٌ من الشائعات التي لا حصر لها… بعضها يصل إلى التحذير من تطوّرات أمنية خطِرة.
لسنا ندري أين الحقيقة. فقط نأمل أن تكون تلك التحذيرات غير مستندة إلى واقعٍ صلب، مع أننا لا نستبعد أمراً. فعندما تغيب السلطة التنفيذية بشكلها السليم أشهراً طويلة، لا يُستغرب أن يُفتح الباب على المفاجآت، بما فيها الجانب الأمني. نقول ذلك مع تقديرنا للجهود التي تبذلها القوى العسكرية والأمنية فوق طاقتها في وقتٍ تدنّت مرتّبات وتعويضات وبدل تقاعد الضباط والرتباء والعناصر إلى المستويات الدُنيا، بعدما تآكلت بانهيار العملة الوطنية أمام الورقة الخضراء.
من النتائج المؤسفة المترتّبة على تأخير تشكيل الحكومة، تراجع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن زيارته إلى لبنان التي كانت مقررة خلال أيام. وقد أعاد قصر الإليزيه هذا التأجيل إلى «فشل» المسؤولين السياسيين في لبنان في التوصّل إلى تشكيل الحكومة، وإن بقيت باريس مُتمسّكة بالمؤتمر الدولي لـ»دعم الشعب اللبناني» الذي عُقد مساء أمس برعاية فرنسية أُممية وقال بمساعدات تُسهم في تخفيف العبء عن الطبقة المأزومة اقتصادياً (التي يتعاظم عديدها يومياً) في مجالات التعليم والدواء والغذاء…
لن نقول، مع الكثيرين، إن المسؤولين يتصرّفون وكأنهم لا يُدركون حقيقة المأساة الاجتماعية التي يُعانيها شعبنا. بدليل أنهم يُزاودون علينا في توصيفها. إلا أننا نرى، جدياً ويقيناً، أنهم يكتفون حتى إشعارٍ آخر بصفّ الحكي و»قرط» النظريات. أما على أرض الواقع، فلا شيء ملموساً في المنحى الإيجابي. وأما سلبياً، فالمعاناة تكبر وتتنامى وتُطاول شرائح إضافية كل يوم.
إذ نضم صوتنا إلى المطالبين بإزالة العراقيل من طريق التأليف، فإننا نكون في عداد الأصوات العديدة، من شعبنا ومن قياداتٍ دولية، التي تُطالب هي أيضاً، بإلحاح، بأن يكون التأليف أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد. ذلك أن قيام حكومة هو أكثر من أولوية في الظرف الاستثنائي الذي يُعتبر الفراغ الحكومي فيه من الكبائر.