Site icon IMLebanon

هل يحصل التفاهم على التأليف في ربع الساعة الأخير من نهاية العهد أم يلجأ عون إلى استخدام الخرطوشة الأخيرة التي كان وَعَدَ بها؟

 

 

على مسافة أقل من أسبوعين من نهاية العهد فإن المشهد السياسي ما زال في المدار الضبابي، حيث يعجز حتى أصحاب القرار في تحديد ما ستؤول إليه الأمور، في خضم الصراعات المحلية والخارجية التي تضغط على الاستحقاقين الحكومي والرئاسي بشكل يصعب معها التنبؤ حول ما اذا كان لبنان سيفلت من براثن الفراغ السياسي ويذهب في اتجاه تأليف حكومة وانتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية الشهر الحالي، أم أنه سيقع مجدداً في مستنقع الشغور الذي يتفرع عنه المزيد من الشرخ والانشطار السياسي الذي بدوره ينعكس سلباً علی الشارع ويزيد الأزمات الاقتصادية والمعيشية تعقيداًً.

كل هذا يجري والحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية لا تهدأ تجاه لبنان، حيث تجري اتصالات ومشاورات منها ما يحصل في السر، ومنها ما يعلن عنه بغية إتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده، أو على الأقل تأليف حكومة مكتملة الأوصاف تكون قادرة على ممارسة صلاحيات الرئيس في حال لم تجرِ الانتخابات الرئاسية في الموعود المحدد لها..

ووفق المعطيات فإن هذه الحركة الدبلوماسية ما تزال من دون بركة حيث لم يرصد أي خرق في جدار الأزمة لا بل ان كل فريق سياسي يتمترس وراء شروطه في هذا الاستحقاق، وإن الكمائن المتبادلة ما تزال هي السائدة، بما يؤكد بأن الجلسة الثالثة المخصصة لانتخاب الرئيس والمحدد موعدها الخميس المقبل ستكون صورة طبق الاصل عن الجلستين اللتين سبقتها، لا بل انه من المتوقع أن يرتفع منسوب الخطاب السياسي المتشنج كترجمة طبيعية لغياب التوافق والتفاهم على اسم الشخصية التي ستجلس على كرسي القصر الجمهوري بعد ان يغادره العماد عون.

لكن بعض المعلومات تتحدث عن ضغوط دولية بدأت تمارس على القوى السياسية لاحترام المواعيد الدستورية،وبالتالي اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، لكن هذه الضغوط لم تصل بعد الى مرحلة يُمكن أن يتوقع من خلالها حصول خروقات جوهرية في جدار الأزمة تؤدي إلى انتخاب رئيس وتجنب الشغور الذي بات شبه واقع لا محال.

وفي هذا السياق يُؤكّد مصدر وزاري انه استنفدت كل المحاولات لتقريب المسافات بين القوى السياسية بما يُمكن لبنان من اجتياز مطلب الشغور الرئاسي، بشكل طبيعي. وبالتالي فإن انتخاب رئيس قبل نهاية عهد الرئيس عون بات شبه مستحيل، وإن الجهد ينصب الآن على تأليف حكومة بعد أن أصبحت كل الأوراق مكشوفة، وبعد ان أدت المفاوضات «السلحفاتية» الجارية في الداخل إلى تحسين بعض الشروط لأكثر من فريق.

ويكشف المصدر الوزاري أن «حزب الله» دخل بقوة على خط المعالجة، من باب انه لا يجوز ضرب الإنجازات الخارجية من خلال القضايا الخلافية الداخلية، في إشارة إلى إنجاز ملف ترسيم الحدود البحرية، حيث أن الحزب والكلام للمصدر الوزاري يريد تحصين هذا الإنجاز من خلال تهدئة داخلية يُمكن من خلالها تقوية الموقف اللبناني في المرحلة المقبلة، لأن اتفاق ترسيم الحدود البحرية له متممات وهذا يستوجب وجود مناخات داخلية طبيعية تقوي من عزيمة المفاوض اللبناني وتحافظ على الحقوق المكتسبة من هذا الاتفاق.

 

«حزب الله» يدخل بقوة على الخط لتجنب الانزلاق في المتاهات الدستورية إذا حصل الفراغ

 

واذ يعرب المصدر عن اعتقاده بأنه من الممكن ان تولد الحكومة في الربع الساعة الأخيرة من نهاية العهد، فإنه أبدى خشية من أن تذهب الأمور نحو الأسوأ من خلال لجوء الرئيس عون إلى اتخاذ خطوة تربك الوضع الداخلي، وهي خطوة يتعامل معها رئيس الجمهورية على انها الخرطوشة الأخيرة، وهي تتمثل بقبول استقالة الحكومة، وبالتالي يقطع الطريق على حكومة تصريف الأعمال من أية إمكانية في استخدام صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو ما لا يريده «حزب الله» ويعمل على تجنُّبه، لأن مثل هكذا خطوة ستُدخل البلاد في آتون ممحاكات وسجالات خطيرة، حيث ان تجربة الرئيس أمين الجميل ما تزال ماثلة في أذهان اللبنانيين.

وبالرغم من هذا المشهد غير الصحي فإن المصدر الوزاري يراهن على عامل الوقت، حيث انه ما زال متاحاً الاتفاق على توليفة حكومية تصح للمرحلة الانتقالية في حال بقيت القوى السياسية عاجزة عن انتخاب رئيس. وفي حال بقيت النوافذ الإقليمية والدولية مغلقة في وجه هذا الاستحقاق، حيث بات معلوماً أن الخارج منشغل بالتطورات الدراماتيكية التي تحصل في المنطقة، وهو لا يرى في الملف الرئاسي اللبناني أولوية يجب الانتباه له في هذه الآونة. وعما إذا كانت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ذاهبة باتجاه الأسوأ يُؤكّد المصدر الوزاري أن الشأن الاقتصادي والاجتماعي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالشأن السياسي، وأن استمرار الوضع السياسي على ما هو عليه سيؤدي حكماً إلى مزيد من الانهيارات على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، غير ان بصيص الأمل الوحيد الذي من الممكن وقف الانزلاقات في القطاعين الاقتصادي والمالي، هو أن يبقى مسار الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية على ما هو عليه، لأن وصول هذا الاتفاق على خواتيمه السعيدة وبدء لبنان في التنقيب والاستخراج لثروته النفطية سينعكس إيجاباً على مجمل الوضع اللبناني خصوصاً من الناحية الإئتمانية بما يُشجّع الشركات الأجنبية على الاستثمار وعودة رؤوس الأموال إلى لبنان بما ينعش القطاع المصرفي ووقف ضغط الدولار على العملة الوطنية.