على الرغم من تأكيد الجميع بمفردات وعبارات ناعمة تأييد مهمة الرئيس المكلف نواف سلام، فإن الأجواء المحيطة باستشارات التأليف، لا تنبىء بأن الامور سالكة تماما وخالية من الألغام والعقد السياسية. فواقع الحال ان الكتل النيابية والأحزاب أدخلت الرئيس المكلف في متاهات التأليف، والمطالبة بحصص وتمثيل لا يتلاءم مع المرحلة الجديدة والتغيير، المفروض ان تتسم به عملية التأليف، مما دفع الرئيس المكلف الى رفع الصوت، مؤكدا انه ليس “صندوق بريد”، مما يدل على عدم رضى عن المسار، مما جعله يضع النقاط على الحروف، ويسمي المعايير التي يتبعها بالتأليف.
ووفق مصادر سياسية فان العقد تتراوح بين مسيحية – مسيحية، وضغوط قوى “التغيير”، فيما كتلة “الثنائي الشيعي” كانت الوحيدة التي صارحت سلام بهواجسها ومطالبها، من دون وضع العصي في الدواليب، ويجري حاليا التفاوض بين سلام والثنائي على إشراك وتوزير شيعي من خارج الثنائية الشيعية، بعكس قوى “التغيير” التي تضع “فيتوات” على تمثيل قوى سياسية أخرى، فيما برزت مؤخرا العقدة المسيحية بالتتافس على الحقائب السيادية، اذ تعتبر “القوات” ان تكتلها النيابي يخولها الحصول على وزارة سيادية، الأمر الذي يضعها بمواجهة مع “الوطني الحر”، الذي حصل في العهد الماضي على وزارات سيادية وخدماتية، لا سيما وزارة الطاقة التي يتطلع التيار للبقاء فيها .
تنافس “القوات” و”الوطني الحر” خرج من كواليس التأليف، على الرغم من نفي الطرفين المسألة. فحزب “القوات” يتطلع الى الحصول على حصة توازي أضعاف حصة التيار، نسبة الى عدد نواب التكتل، وتريد “القوات” وزارة الطاقة الى جانب وزارة الخارجية، أملا في تحقيق إنجازات في ملف الكهرباء ومعايرة التيار به لاحقا، فيما يصر التيار على التمسك بالطاقة لاستكمال المسار الذي بدأه، ومن المتوقع ان يعطي ثماره قريبا ،على الرغم من بيان المكتب السياسي الذي أعلن فيه تسهيل مهمة الرئيس المكلف.
من المؤكد ان لدى الرئيس المكلف مجموعة تحفظات عن اداء الكتل، التي تضع شروطا وشروط مضادة، مما يؤدي عمليا لتطويق الحكومة وتضييق الخناق على عملية التأليف بمن فيهم قوى “التغيير”، التي وجهت انتقادات حادة للرئيس المكلف حول طريقة إدارته التفاوض مع الثنائي الشيعي، واعتماد الاسلوب الماضي في التأليف، والمقصود بكلام “التغييريين” الغمز من قناة سلام بالوقوف على خاطر الثنائي حكوميا، من منطلق رفض “التغييريين” طريقة التشكيل التي لا تتلاءم وتواكب المرحلة الجديدة.
لهذه الاسباب تؤكد مصادر مطلعة ان طريق التأليف تعترضه عقبات يتم العمل على معالجتها، بشكل لا يستفز اي فريق، لتسهيل ولادة الحكومة سريعا، التي ينتظرها الكثير من الملفات التي تحتاج الى حلول، كقضية المودعين وإعادة الإعمار والمباشرة بالإصلاحات.