ليست من قبيل الصدفة، تطرُّق الرئيس المكلف نواف سلام، الى الالتزام بالدستور في معرض رده على مسار المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة.
البعض يعتبر ان سلام، يتعمد الرد بشكل غير مباشر، على كل ما يثار ويطرح من مواقف ومطالبات بالحصص الوزارية والحقائب الوازنة بالتشكيلة الوزارية الجديدة.
فهناك من يردد في وسائل الإعلام وجوب اعادة صلاحيات رئيس الجمهورية، الى ما كانت عليه قبل الطائف، لكي يستطيع تنفيذ خطاب القسم الرئاسي، الحافل بالعناوين والمشاكل التي بحاجة الى مقاربات استثنائية وحلول تتجاوز الاطار التقليدي والروتين الحكومي المعتمد، ولو كان بالممارسة، باعتبار ان إعادة الصلاحيات تتطلب تعديلات دستورية، ليس متاحة بالوضع الحالي، فيما يطالب آخرون بأن يكون لرئيس الجمهورية حصة وزارية تشمل الحقائب السيادية والمهمة، التي تخوله لعب دور بارز في إتخاذ القرارات التي يراها ضرورية، لايجاد الحلول للازمات التي تواجه اللبنانيين هذه الايام بالسرعة اللازمة، باعتبار انه شريك اساسي بعملية التشكيل وليس صندوق بريد، مهمته الموافقة على أسماء الوزراء والحقائب المسندة اليهم، واصدار مراسيم تشكيل الحكومة.
هناك أيضا تمسك حركة امل بالحصول على حقيبة المال، وما يثيره هذا المطلب من رفض من اكثرية الكتل النيابية، لانه يخفي وراءه التحكم بقرارات الدولة، ويربط مسار الاصلاحات والتعيينات، وتطهير الادارة من الموظفين الفاسدين، ويكرس واقعا غير دستوري، يفتح شهية باقي الاطراف على المطالبة بحقائب وزارية وازنة وثابتة،باستمرار في الحكومات المتعاقبة،ناهيك عن فشل وزراء المال المتعاقبين والمحسوبين على الحركة في ادارة هذه الوزارة.
ليس هذا فحسب، لوحظ بوضوح ارتفاع وتيرة مطالبات الكتل النيابية، كُلٌّ بالحصة التي يراها من حقه والحقيبة التي تؤمِّن مصالحه وخدماته الشعبية، على أبواب الانتخابات النيابية المقبلة.
كل الاطراف، تريد التشكيلة الوزارية نسخة طبق الاصل للحكومات التي تعاقبت خلال العقدين الماضيين، بالحصص وتوزيع الحقائب،بالرغم من المتغيرات التي طبعت انتخابات رئاسة الجمهورية، التي امعن الثنائي الشيعي على تعطيها عمدا أكثر من عامين خلافا لرغبة باقي الاطراف السياسيين، وبعدها تسمية رئيس للحكومة خلافا لرغبة الثنائي وحساباته السياسية.
ما يريده الرئيس المكلف من تكرار تمسكه بالدستور المنبثق عن الطائف في مشاوراته مع كل الاطراف،قوله ان تجاوز الدستور بعملية تأليف الحكومة الجديدة، كما كان يحصل في العقود الثلاثة الماضية، بقوة الامر الواقع،تارة بوجود الجيش السوري وتارة اخرى بهيمنة سلاح حزب الله، لا يتلاءم مع مرحلة التغيير السياسي التي بدأت، ويبقى الاحتكام الى الدستور هو الفيصل في حسم الخلافات، على الصلاحيات، او تشكيل الحكومة كما قال،وإن كان ما يهدف الى تحقيقه دونه تشبث بعض هذه الاطراف، بالمكاسب التي حققها في السابق، وهو يعاند ويخترع الحجج ويعطل التشكيل في سبيل الاحتفاظ بها باستمرار.