IMLebanon

صراع الذئاب

 

لا يمكن لأي عقل وأي منطق أن يبرر ما يقوم به المولجون تشكيل الحكومة وكأن بعضهم لا يرى أن البلد قد انهار بالفعل وأن الاقتصاد قد دُمر وأن الناس قد فقدت مدخراتها وفرص العمل ومصالحها وأن قدرتها الشرائية قد تراجعت وأن البلد أصبح معزولاً عن العالم وأن من يتحدث معنا فإما شفقة وإما من أجل أن يبعد عنه أخطاراً قد يكون لبنان مصدرها.

 

كيف لبعض هؤلاء أن يكابروا وأن يصدقوا أن لبنان دولة قوية وأن العالم بحاجة إليها وأنها رقم صعب في المعادلات الإقليمية وهي في الحقيقة ورقة تستخدم لتصفية الحسابات فيصاب أهل البلد جراء ذلك بكل انواع المآسي والمعاناة ولا حرج في ذلك عند البعض، فالمسألة ليست مسألة لقمة عيش ومستشفى وجامعة وازدهار واستقرار، بل هي مسألة مواجهة مع عدو والمفارقة أنه سبقنا بأشواط في كل شيء وحل في المرتبة الـ 11 بين الدول العشرين الأكثر سعادة في العالم، فيما نحن نسير بخطوات غير مسبوقة لنكون من الدول الأكثر تعاسة في العالم.

 

في لبنان لا يدرك بعض المسؤولين فداحة الجريمة التي يرتكبونها، ولكنهم يدركون أنهم يرتكبونها عن سابق تصور وتصميم والدليل على ذلك أن كل الانهيار الذي نعاني منه لم يوقظ فيهم ضميراً ولا حرك فيهم شعوراً إنسانياً، فاستمروا في صراع على أطلال دولة وعلى مناصب فارغة حتى ولو كان الكرسي لا يتسع لهم، فأهمية أي مسؤول لا تكمن في الكرسي الذي يشغله، بل في ما ينتجه وفي كيفية تجنيب مواطنيه رعونته وأنانيته وسخافته.

 

في لبنان لا أفق لجريمة قتل الوطن ومواطنيه،لا أفق لجريمة احتجازنا كرهائن في خيارات لا ناقة لنا فيها ولا جمل، لا أفق لجريمة أخذنا عنوة إلى حيث يعتقد البعض أن جهنم هي الجنة، لا أفق لجريمة تدمير كل مظاهر الحداثة والتطور والثقافة والتنوع واستبدالها بكل مظاهر الظلامية والجهل والخراب، لا أفق لجريمة فرض الديكتاتورية المقنعة او أي نظام غريب عن التعددية اللبنانية، في لبنان سقط منطق الدولة والمجتمع والقانون وحق الحياة لصالح منطق الإلغاء، ولا يمكن للحياة ان تعود إن لم يلغ هؤلاء المسؤولون بعضهم البعض في صراع يشبه صراع الذئاب التي قتلت فريستها معاً وتتصارع على نهش لحمها.