Site icon IMLebanon

تأليف الحكومة بداية وليس الحلّ بعد مشهد الشارع الغاضب

 

 

أكثر من سيناريو يرتسم على الساحة الداخلية غداة مبادرة الرئيس المكلّف سعد الحريري باتجاه قصر بعبدا وتقديمه تشكيلة حكومية من 24 وزيراً، وفق المبادرتين الفرنسية والرئيس نبيه بري، لرئيس الجمهورية ميشال عون أولاً، وبعد مشهد المواجهات التي حصلت أمس الأول أمام منزل وزير الداخلية محمد فهمي، على خلفية عدم إعطائه الإذن بالتحقيق مع اللواء عباس ابراهيم. وبالتالي، تلاحظ أوساط نيابية مواكبة، أن العنصر الأكثر تأثيراً في السيناريو الذي سيستقرّ عليه الوضع في الساعات القليلة المقبلة، سواء إذا كان بالموافقة على التشكيلة الحكومية أو حتى على مناقشتها، سيأخذ في الإعتبار تطوّرات التحرّك الذي يقوم به الأهالي مواكبة للتحقيقات في جريمة تفجير مرفأ بيروت، ذلك أنه لم يعد من الممكن تجاهل ما رافق الإحتجاجات ليل أمس، وما تعرّض له أهالي ضحايا التفجير من أعمال عنفية من قبل القوى الأمنية.

 

واعتبرت هذه الأوساط، أن «العنف» الذي برز في الشارع أمام منزل فهمي، والذي اختلطت فيه المجموعات المعترضة مع مجموعات اخرى، هو بمثابة النموذج المرشّح للحصول في كل وقت، وفي أي مكان، في حال فلتت الأمور من عقالها، لأنه لن يكون ممكناً الوقوف في وجه أعداد هائلة من المواطنين الغاضبين والذين قد يقرّرون فجأة التنفيس عن وجعهم في لحظة واحدة، وفي منطقة جغرافية واحدة.

 

وبرأي الأوساط، فإن هذه العناصر المستجدّة، قد باتت تتقدّم بقوة على العنوان الحكومي، لأن عدم الإتفاق في الملف الحكومي، أو في أسوأ الأحوال، اعتذار الرئيس المكلّف عن التشكيل، سيؤدي الى تكليف شخصية سنّية أخرى، في حين أنه إذا ما تكرّر مشهد السابع عشر من تشرين اليوم، فلن يكون في الإمكان ضبط الشارع، أو إقناع المحتجين بمنح الفرصة مجدّداً للقوى السياسية بالعودة إلى المشاورات التي قد تطول لأشهر وأسابيع إضافية، بينما ما من صوت يعلو في الشارع إلا صوت الإنهيار والفقر.

 

وتكشف هذه الأوساط، عن أن القاهرة قد أبلغت الحريري بالأمس، بأهمية ووجوب أن يعمل المسؤولون اللبنانيون على حلّ مشاكلهم من خلال التركيز على الإصلاح قبل أي شيء آخر، لأن أي تسوية مرتبطة بهم، ولم يعد لدى الأطراف الخارجية أن تقدّم المزيد مما عملوا على تقديمه من طروحات وبرامج وحلول وأفكار.

 

أما لجهة الإهتمام الأميركي بالملف اللبناني، والذي يتلاقى مع العودة الفرنسية «الى الميدان»، في موازاة الدور المصري، فهو يشكّل، كما تضيف الأوساط النيابية، رسالة الى كل القوى السياسية الداخلية بوجوب العمل على تغيير الواقع السياسي الحالي، لكن الترجمة الفعلية لا تكون إلا من خلال الداخل، ومن خلال تأليف الحكومة، خصوصاً وأن أسباب القلق الداخلي تتزايد باضطراد، حتى أن تأليف الحكومة قد يكون فقد فاعليته، كما كان سيكون عليه منذ أشهر، لأن المطلوب اليوم بدء العمل على أكثر من جبهة مالية واقتصادية وصحية وتربوية، لكي يحدث التغيير ولو بشكل بسيط قادر على تهدئة الشارع «المتفجّر»، ووضع قطار الحلّ على السكّة الصحيحة.