«تدويرالزوايا» يشمل «الداخلية» ومقايضة الوزيرين المسيحيين
ميقاتي ينتقد «عناد» الحريري : غامر و«اطلق النارعلى قدمه» !
اذا كانت ايحاءات رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بوجود «غرام» بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون دقيقة، وتصوراتهما متقاربة حيال الحكومة العتيدة، فما الداعي اذا الى تعدد الزيارات اليومية الى بعبدا، وتقديم تصريحات عامة مغلفة «برسائل» الود المصطنع بين رجلين لا يجمع بينهما الا الضغوط الدولية وحراجة الموقف الداخلي، بعدما اثبتت التجارب السابقة ان الرئيس «المعتذر» سعد الحريري هو ك «الكحل» وميقاتي هو «العمى» بالنسبة الى التيار الوطني الحر ورئيسه السابق والحالي…
ولهذا فان «اللف والدوران» حول شكل الحكومة وتوازناتها، لم يعد مجديا وبات المشهد مملا، وبعد 9 اشهر من المفاوضات العقيمة مع الحريري، كل الاطراف تعرف جيدا ما هو مقبول وما هو مرفوض عند طرفي النزاع، وميقاتي الآتي بدعم رؤساء الحكومة السابقين ليس جديدا في هذا «الكار»، وكان جزءا من «مطبخ» التفاوض، ويفترض ان كانت النيات صافية ان لا يخرج من القصر الجمهوري دون الاتفاق مع عون على تشكيلة الحكومة على ان تصدر المراسيم قبل نهاية الاسبوع، والا سنكون امام تكرار لمشهد المماطلة، وهذه المرة ستدفع البلاد اثمانا باهظة، لا يريد احد تحمل وزرها، ولهذا نسمع يوميا من الجميع «نشيد» الايجابية، والزهد في الحصص الوزارية.
وامام هذه «المهزلة» المتمادية، تلفت مصادر مواكبة لاتصالات التأليف، الى ان تركيز البعض على غياب التشنج في العلاقة بين ميقاتي وعون، ورئيس «تكتل لبنان القوي» جبران باسيل لترجيح نجاح الرئيس المكلف في التأليف، مثير «للسخط» «والقرف» في آن واحد، وفي حال ثبت ذلك سينعكس سلبا على ما تبقى من ولاية العهد، وكذلك على مستقبل «ولي العهد»، لان اي تراجع في الخطوط الحمراء التي وضعت امام الحريري ومنحها مجانا لميقاتي، وتناسي شعارات الحفاظ على حقوق المسيحيين، ستعني حكما ثبات التهمة على باسيل بمنع الحريري من التشكيل لاسباب شخصية «ونرجسية» لم تراع وجع الناس، وسيكون «الرجل» الذي افقر البلاد وساهم في ايصالها الى «جهنم» لدوافع شخصية، وليس لاي شيء آخر، ومن هنا ستراعي اي تسوية مرتقبة «ماء وجه» العهد وفريقه السياسي، وهو امر تبلغه ميقاتي مباشرة من باسيل خلال العشاء الاخير بينهما، وبات واضحا ان التنازلات ستكون متبادلة، دون ان يخسر الطرفين الحد الادنى من التوازنات داخل الحكومة بما يظهر ان الجميع قد «ربح»…
وفي هذا الاطار، يريد ميقاتي ايضا ان يسجل «نقطة» معنوية على الحريري، ويسعى للنجاح حيث فشل، وهو سبق وتحدث صراحة في مجالسه الخاصة عن ان جزءا من الخسارة الكبيرة التي تدفعها البلاد اليوم سببها «عناد» الحريري واصراره على الدخول في مغامرة تشكيل الحكومة مع علمه المسبق ان المناخات الدولية والاقليمية لا تساعد على ذلك، كما ان عون وباسيل اتخذا قرارا منذ اليوم الاول بعدم السماح له بالعودة الى السراي الحكومي، واليوم، يقول ميقاتي بحسب زواره، بعدما اطلق «النار على رجله»، وخاض غمار معركة قاسية انتهت بكارثة سياسية واقتصادية، عاد الى «المربع الاول»، وادرك انه ارتكب خطيئة عندما «قوطب» على مبادرتي بتشكيل حكومة تكنوسياسية طرحتها بعد فترة من استقالة حسان دياب، لكنه اختار طرح نفسه مرشحا طبيعيا للحكومة دون التنسيق مع احد، وانتهت «المغامرة» بالعودة الى «نقطة الصفر»، وهو كان سيزيد الامور سوءا بعدم دعم ترشيحي، الا ان تدخل «ومونة» رئيس مجلس النواب نبيه بري انقذت الموقف، بعدما اقنعه ان النتائج ستكون بالغة السوء في حال سلمنا البلاد «للفراغ»…!
وفي هذا السياق، يمكن الحديث اليوم عن نجاح مفترض في التأليف، اذا تأمنت شروط خروج طرفي التشكيل دون خسائر، والايحاء انهما حققا ارباحا، وغير ذلك ستدور الامور في حلقة مفرغة، وهنا يمكن فهم الحديث الدائر عن «تدوير الزوايا» التي يمتهنها ميقاتي ويشجع عليها باسيل «للنزول عن الشجرة «، ولهذا تتمحور الاتصالات حول شخصية وزير الداخلية العتيد باعتباره سيدير الانتخابات المقبلة، ويجري البحث عن شخص «مشترك» في الانتماء بين الرئيسيين، يمكن تقديمه «كهدية» للراي العام، لكن ما ليس محسوما حتى الان الانتماء المذهبي للوزير، ففيما يريده عون- باسيل مسيحيا، ما دام رئيس الحكومة يتجه لاعطاء وزارة المال للشيعة، بعدما تمسك الرئيس بري بها باعتبارها لم تكن جزءا من الخلاف في المفاوضات الحكومية طوال 9 اشهر، وجرى تثبيتها مع الحريري، في المقابل يرغب ميقاتي في ابقاء الحقيبة لدى السنة، باعتبار ان ما لم يتتنازل عنه الحريري لا يريد التنازل عنه. اما في مسألة تسمية الوزراء المسيحيين، فتتطرح عدة صيغ غير نهائية، ومنها تبادل التسميات، اي يسمي ميقاتي مسيحيين وعون سنة، لكن في حقائب عادية وغير اساسية.
لكن لكيلا يتوهم احد،لا تبدو الكفة بين طرفي التشكيل متكافئة، بحسب اوساط سياسية بارزة، فميقاتي يزور بعبدا متسلحا بدعم دولي، اميركي فرنسي، وعدم ممانعة خليجية، طارحا نفسه المرشح القوي «والمنقذ» لما تبقى من عهد الرئيس عون، وهو ايضا كسب تأييد حزب الله «وثقته»، وهو يحاول استغلال هذه المفارقة حتى الرمق الاخير، ما يمثل نقطة ضعف واضحة لدى «التيار الوطني الحر»، لكن تبقى معادلة رئيسية حاكمة لن يجري التفريط فيها في التشكيلة المفترضة حيث ستحرص كل الاطراف على عدم السماح لاي جهة سياسية بالامساك وحدها «بمفاتيح» الحكومة المرشحة لتدير الفراغ الرئاسي والنيابي في البلاد في حال لم تجر الانتخابات في موعدها، وهنا «بيت القصيد»، وربما الاصح القول «شيطان» التفاصيل، ودون تجاوز هذه العقدة لن تولد الحكومة قريبا…