تكشف معلومات سياسية مطّلعة، أن المسار الحكومي تعرّض لنوع من التريّث على أثر الإنطلاقة السريعة التي كانت قد سُجّلت منذ بداية البحث بعملية تشكيل الحكومة، ذلك أن الأيام التي فصلت ما بين التكليف والتأليف، قد شهدت مناخات جيدة على أكثر من صعيد، سواء بين الأطراف في الداخل، والتي كانت قد أعلنت كلها دعمها تأليف حكومة في ظل الأزمات الراهنة، لكن اليوم، وعلى الرغم من التقدّم الكبير الذي أُحرز خلال الإجتماعات الثلاثة التي حصلت في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، فإن هذه المناخات قد لحظت تبدّلاً ملحوظاً أدّى إلى تجميد البحث محلياً وخارجياً، وبالتالي، تأخير أي اتفاق على الولادة السريعة للحكومة بعدما كان الجو العام يشير الى وجود قرار بالإنتهاء في وقت سريع من عملية التأليف، والإفادة من الوقت وليس تضييعه.
ومن هنا، فإن الفرملة التي تعرّض لها مسار التعاون بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، تحمل دلالات عدة، أبرزها أن الآراء غير متّفقة، ومن الصعب أن تتّفق أو تلتقي قبل الظهور الواضح للإشارات الخارجية، وتحديداً الإقليمية، والتي ستحدّد اللوحة الحكومية لجهة الذهاب نحو التأليف، أو تكرار الإعتذار.
وتتحدّث المعلومات نفسها، عن أن النية موجودة لاستمرار التواصل، ولكن ليس للإتفاق، خصوصاً في مجال وزارتي الداخلية والعدل من جهة، وفي اعتماد مبدأ المداولة في توزيع الحقائب الوزارية من جهة أخرى. كما أن المهلة الطويلة الفاصلة بين لقاء الخميس ولقاء الإثنين المرتقب بين الرئيس عون وميقاتي، تؤكد الشكوك التي بدأت ترتسم حول إمكان معالجة الخلافات، وبالتالي، تظهر الحاجة ربما إلى وسطاء، من اجل تقريب وجهات النظر، وإن كان الرئيس المكلّف يعمل على تدوير الزوايا، كما وصفه رئيس الجمهورية.
ومن هنا، فإن تسوية هذا الخلاف بالنسبة للحقائب السيادية المذكورة، قد باتت في مرمى الأطراف الراعية للعملية الحكومية بمجملها، وفي مقدّمها العواصم الأوروبية التي تتابع عن كثب مجريات البحث الحكومي تزامناً مع العمل على درس سبل التدخل لدعم الشعب اللبناني الذي يبدو متروكاً لمصيره.
وتقول المعلومات نفسها، أن حالة الإنسداد السياسي التي كانت مسجّلة عندما كان الرئيس سعد الحريري مكلّفاً بتشكيل الحكومة، قد ولّت إلى غير رجعة، وبالتالي، من المستبعد تكرار هذا الواقع اليوم، ولكن ظهور العِقَد أمام مهمة ميقاتي اليوم، يدفع نحو طرح تساؤلات حول احتمالات نجاح عملية التأليف في وقت سريع كما كان متوقّعاً.
وفي سياق متصل، تشير المعلومات ذاتها، إلى سلسلة الإتصالات الهاتفية الداعمة التي تلقاها الرئيس المكلّف في اليومين الماضيين، والتي تُبرز بشكل واضح حجم التأييد الأوروبي والروسي لتأليف حكومة تعمل على انتشال لبنان من حالة التدهور الإقتصادي، ولكن هذا التأليف ليس جديداً، إذ أن المطالبة الخارجية، سواء كانت أوروبية أو عربية أو أميركية لتشكيل حكومة في لبنان، وممارسة الضغوط للوصول إلى هذا الهدف ليس أمراً مستجدّاً، وبالتالي، فإن تأثيراته تكاد تكون معدومة عندما تصطدم بالحسابات الداخلية، وذلك بالإستناد إلى التجربة السابقة مع الرئيس سعد الحريري، حيث جرى الحديث عن ضغوطات وعقوبات غربية على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون ولادة الحكومة، ولكن من دون أي تأثير مباشر على العملية برمّتها.