Site icon IMLebanon

التأليف المعقّد على إيقاع السخونة الأمنية

 

ما زالت المساعي الهادفة الى التأليف تدور في حلقة مفرغة، وبالتالي، فإن المعلومات التي يتم التداول بها في مجالس كبار المسؤولين، لا توحي بأن الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي قد يقدم على تشكيل حكومة، ولا سيما أنه ملتزم سقف «نادي رؤساء الحكومات السابقين» ودار الفتوى، ويدرك جيداً أنه في حال تنازل عن حقيبة الداخلية لرئيس الجمهورية ولتياره السياسي تحديداً، سيُعتبر كضربة قاضية له ضمن بيئته الحاضنة، حيث عانى معها يوم كُلِّف بتشكيل حكومة مدعوماً من فريق 8 آذار، وهو الذي استعاد علاقاته مع الرئيس سعد الحريري و»النادي»، وبات حليفاً أساسياً لهم، وهم الذين أقدموا على تسميته، وعلى وجه الخصوص الحريري، عندما قال له الرئيس نبيه بري بعد اعتذاره،»مَن ستُرَشِّح لرئاسة الحكومة»؟ فأجابه فوراً «سأدعم ميقاتي»، ما يعني أن الرئيس المكلّف لن يتراجع عن أي خطوة تم الاتفاق عليها يوم تم الإجماع عليه وتأييده من قــبل كل المرجعيات الحكومية السابقة.

 

وفي هذا السياق، تكشف مصادر سياسية مواكبة للحراك السياسي الحاصل، أن الأمور تعقّدت، ليس فقط في ظل التباين والخلاف وعدم التوافق بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف، وإنما ثمة أمور أخرى لها ارتباطات وثيقة بمسألة التأليف وكل ما يحصل في البلد، بمعنى أن الأحداث الأخيرة، وما جرى في الجنوب على وجه الخصوص، والتوتر في المنطقة وما هو حاصل في سوريا ولا سيما في درعا، فهذه مسائل لها ارتداداتها السلبية على الداخل اللبناني في ظل الإنقسام السياسي الحاد بين مكوّناته، إضافة الى تباينات أخرى على صعيد الدول الأوروبية المعنية بالملف اللبناني، وحتى العربية، إذ يُنقل أن ثمة وجهات نظر مختلفة إلى حدّ كبير بين واشنطن وباريس والخليج والفرنسيين، وكذلك، ثمة نقاط خلاف حصلت بين القاهرة مع العاصمة الفرنسية، مما يؤشّر الى أن الضغوطات الدولية لدفع المعطّلين والمعرقلين لتشكيل الحكومة، وفي ظل هذه المؤشّرات الراهنة، قد لا تعطي أي نتائج إيجابية، مما يبقي المراوحة قائمة دون أي خرق، لا على صعيد التأليف ولا في ملفات أخرى وعلى وجه التحديد في الملفات الاقتصادية والمعيشية.

 

وحيال هذه المعطيات والأجواء المقفلة على خط التأليف، أو التحقيقات حول جريمة المرفأ، فإن الأوضاع تتّجه من خلال بعض التحرّكات أو ما يتم تسريبه الى تصعيد سياسي، وفي ظل مخاوف أمنية من أن توسّع «إسرائيل» من عملياتها العسكرية مستغلّة ما يجري في المنطقة، وهشاشة الوضع في لبنان، وهنا، قد تصل الأمور الى حالة غير مسبوقة على خلفية تردّي الخدمات وارتفاع معدل الفقر في لبنان.

 

وبناء عليه، فإن بعض الدول الغربية، لا سيما باريس ، تدرك مخاطر ما يجري، ولهذه الغاية كثّفت من اتصالاتها مع المعنيين على المستوى الدولي للجم هذه الاعتداءات والسعي لوقف هذا الانحدار، والذي قد يؤدي الى حروب متنقلة واضطرابات لا حدود لها، خصوصاً في ظل ترهّل الدولة ومؤسّساتها والانكماش الاقتصـــادي الذي بلغ مداه على خط الانهيار المريب، وبالتالي، من المتوقّع أن تتوضح ماهية المشاورات واللقاءات بين الرئيس عون وميقاتي ليبنى على الشيء مقتضاه خلال أيام معدودة، فإما حصول معجزة كما يردّد البعض من كبار السياسيين، أو توجّه الرئيس المكلّف إلى الاعتذار، وذلك قد يكون هو الخيار الأرجح من خلال المعطيات القائمة في الوقت الراهن.