هذه من المرّات النادرة في لبنان يُعيّن موعد الاستشارات النيابية الملزمة في القصر الجمهوري دون أن يُعرف من هم المُرشحون أو الذين سيُسميهم النواب.
صحيح أن الدستور لا يقول بالترشح لرئاسة الحكومة. ودرجت العادة في لبنان أن تكون الأسماء متداولة مع أرجحيةٍ لصاحب اسم على صاحب الاسم الآخر. أما هذه المرة، فمن غير الواضح، بشكلٍ قاطع، وحتى اليوم على الأقل، أي شيء يتعلّق بالتسمية.
معلومٌ أن الثنائي الشيعي يقول بالرئيس سعد الحريري إلى السراي الكبير، ومعلومٌ خصوصاً أن الرئيس نبيه بري هو الأشد تمسّكاً. ولحزب الله مصلحة في أن يأتي الحريري لأسبابٍ عديدة أبرزها أن الرجل يكاد أن يكون الوحيد «الصالح» لهذه المرحلة الصعبة، في منأى عما قيل ويُقال عن مواقف معارضة من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية. ومعلومٌ أن أي كلامٍ مُعلن لم يصدر عن واشنطن والرياض في هذا المجال.
هل يقبل الحريري؟
كان الرجل قد أعلن مباشرةً أو عبر ناطقين باسمه في مكتبه ومقرّبين ونواب تيار المستقبل والكتلة أنه لا يُريد أن يعود إلى رئاسة الوزارة في ما تبقّى من عهد الرئيس ميشال عون. وأقله لن يعود إلا بشروطه، وأبرزها تأليف حكومة على مثال تلك التي كان سيشكّلها الدكتور مصطفى أديب، أي مصغّرة وبالمستقّلين. أما موضوع المداورة في وزارة المالية، فلن يكون عقبةً بعد الموقف المتقدّم الذي أصدره الحريري قبل مدّة وتلاه الكثير من القيل والقال، وكتبنا هنا نؤيدّه، إذ اعتبرناه محاولة جادة لتسهيل مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. في أي حال سيتحدّث الحريري نفسه عن هذا الموضوع، في جملة قضايا عديدة، سيتناولها في حديثه التلفزيوني مساء اليوم.
طبعاً لا نقول جديداً إذا قلنا إن الأكثرية الممثلة بالثنائي والتيار الوطني الحر والحلفاء من كتل صغيرة ومستقلّين ليست، حتى الآن، على موقفٍ واحد من مسألة التكليف. كذلك لا نقول جديداً إنه، في حال لم يوافق الحريري، ثمّة اتجاه لدى الأكثرية إلى نائبٍ من الحلفاء (كرامي أو مراد). ومثل هذا الرهان يعترضه عائقان كبيران حتى ولو كانت الثقة مؤمّنة عددياً: الأول ضعف التغطية السنّية لهكذا تكليف، والثاني الغرق في مزيد من العزلة خصوصاً على الصعيدَين العربي والأميركي.