في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي، وفي إحدى مراحل تشكيل إحدى الحكومات، صودف ان احد كبار الإعلاميين كان على موعدٍ مع الرئيس الهراوي في جناحه المنزلي في الطبقة الاولى في القصر الجمهوري، وليس في مكتب الرئيس في الطبقة الارضية، هَمَّ الإعلامي بدخول المصعد الذي كان فيه “جيمي” الفيلبيني الذي يعمل في منزل الرئيس، سأل “جيمي”، الإعلامي الكبير، وكان يعرفه لأنه كان يتردّد إلى القصر: “بدّك تعمل وزير؟ إذا بدَّك بقلّلو للمستر بريزيدنت”. ضحكا معاً وكان المصعد وصل إلى المنزل. القصة حقيقية وبطلا الرواية ما زالا حيين يُرزقان: جيمي يمضي تقاعده في الفليبين والإعلامي في لبنان.
تذكَّرتُ هذه الرواية لأن “روايات” كثيرة تُروى هذه الايام، في مرحلة تشكيل الحكومة، عن مستوزرين ومستوزِرات يطلبون ويطلبن شفاعات “جيمي” القصر و”جيمي” خارج القصر، للإستيزار. قد يكون “جيمي” اليوم يعمل في جناح الرئيس برتبة مستشار “واهميته” كما “جيمي” أنه قادر على الوصول إلى أُذُن الرئيس فيضع فيها الإسم وينتهي الامر.
هناك اليوم أكثر من ” جيمي”، يتنازعهم أكثر من مستوزِر ومستوزِرة، فيتنازعون في ما بينهم، ولكن بصمت، وحين تصدر التشكيلة وتُعلَن اسماء الوزراء، يُعرَف أي “جيمي” انتصر، وايٌّ منهم كلمته مسموعة في اذن الرئيس. ليس “جيمي” وحده هو الموزِّر، هناك السيدة “كريستالينا غورغييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي”، البلغارية الجنسية، التي تقول المعلومات أنها هي التي زكَّت يوسف خليل، مدير العمليات المالية في مصرف لبنان، لتولي وزارة المالية. بين “جيمي” الفليبيني، و”كريستالينا” البلغارية، هل تولَد حكومة “متعددة الجنسيات”؟
بحسب المادة 64 من الدستور، البند 2:
“رئيس الحكومة يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقِّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها”.
تُرى، هل هذا البند تُرجِم إلى اللغة الفليبينية او إلى اللغة البلغارية؟ بالتأكيد لا، ولماذا يُترجَم طالما انه لا يؤخذ به حتى في اللغة العربية، فلو طُبِّق الدستور لكانت الحكومة تشكَّل في اربع وعشرين ساعة، لكن طالما الطبخة يشارك فيها “جيمي” و”كريستالينا” والمستشار والمستشارة والصديق والقريب، فكيف تولَد الحكومة؟ ربما يجدر الطلب إلى كل هؤلاء الآنفي الذكر أن يجتمعوا، ولو عبر تطبيق “زووم” طالما هُم يقررون، ويضعون التشكيلة ويرفعونها إلى رئيس الجمهورية والرئيس المكلَّف، للتوقيع.
ولكن هناك مستوزرون لا يحتاجون لا إلى “جيمي” ولا إلى “كريستالينا”، بل يمرون في “خط عسكري” لأنهم يعرفون من يعرف الرئيس، أو لأنهم أصدقاء وأقرباء لأصدقاء الرئيس، وهذه طريقة ثالثة للإستيزار.