الفوضى الكاملة وذهاب لبنان الى «الفيدرالية» وحكم الطوائف
من شأن النفط الإيراني ان يحل جزءا كبيرا وأساسيا من أزمة المحروقات والوقوف في الطوابير امام المحطات، الا ان استقدام البواخر فتح الباب لنقاش حول «الفيدراليات» السياسية وتوجّه كل فريق لتأمين «محروقاته» ودوائه وأمنه الذاتي، في غياب الدولة وتقاعسها عن أداء واجباتها.
كل المؤشرات من حادثة خلدة الى شويا وما جرى في مغدوشة بقعون تدل على تقدم خيار الفوضى مع انعدام الحلول وضيق الحلول للأزمات الحادة، مما دفع الأحزاب والقوى المحلية لأن تحل مكان الدولة ، حيث عادت نغمة «الفيدرالية» لتظهر في المشهد السياسي، وهي نغمة تراود عددا من النخب السياسية والشعبية كحل لا بد منه ، وبديل عن الذهاب الى الحرب وجهنم مالية اقتصادية.
يعتقد كثيرون ان لبنان، في حال لم تتشكل الحكومة، يتجه الى خيارات صعبة تبعا لما يجري على الأرض، وقد أظهر مسلسل خزانات المحروقات المكتشفة، لجوء كل الأحزاب الى تخزين ما تحتاج اليه في موسم الانتخابات النيابية.
حزب الله معارض ورافض بقوة «للفيدرالية» ومشروع «الكونتونات» الطائفية،ومع ذلك يعتبر فريق من اللبنانيين ان قراره باستيراد الدواء والنفط خرق لسيادة الدولة وانتهاك الشرعية وذهاب لا ارادي الى «الفدرلة»، من جهة أخرى يشكل اكتشاف المحروقات المخزنة لمدة طويلة بطرق مدروسة وعائدة لعدد من الأحزاب، يعزز المناخ «الفيدرالي» الذي يتسلل بقوة، اذ تسعى الأحزاب لحماية وتمنيع مجتمعاتها.
تتلطى الأحزاب بشعار اللامركزية الموسّعة لاخفاء خياراتها بالذهاب الى «الفيدرالية»، ورصد مصالح الأحزاب وحاجتها اليها يُظهر ان هذا الخيار «غير المعلن» يتقدم لدى المسيحيين في هذه المرحلة نتيجة حالة الاختناق التي يمر بها المجتمع المسيحي، فيما يتحفظ المسلمون («المستقبل» وحزب الله والتقدمي الاشتراكي )عليه، التيار الوطني الحر و»القوات اللبنانية» على الرغم من خلافاتهم السياسية وتنافسهما على الرقعة المسيحية، يجتمعان حول ملفات محددة حين يمس الوضع بالأمن والوجود المسيحي، كما حصل عند طرح الدائرة الانتخابية الواحدة ، فيما لا تعترض الكتائب والتيار والكنيسة على خيار اللامركزية الموسعة في ظل المخاوف المسيحية الكبرى من تغيير النظام والمؤتمر التأسيسي، اذ يرفض المسيحيون المثالثة في التركيبة اللبنانية رفضا قاطعا.
كعادته في كل الأزمات يعود الطرح «الفيدرالي» الى التدوال في الصالونات السياسية، كما حصل في الحرب اللبنانية على خلفية الانقسام حول المقاومة الفلسطينية، وقام على أساس ان يعيش المسيحيون في مناطقهم والمسلمون في مناطقهم وتنظم بينهما المصالح المشتركة، الطرح ذاته يدغدع مشاعر جزء كبير من المسيحيين اليوم كحل بديل عن الفوضى والحرب التي تطل برأسها في طوابير البنزين. وفي منطق دعاة «الفيدرالية» ان العيش المشترك مهدد عند كل استحقاق نظرا لهشاشة النظام والمحاصصة والفساد، ويرى هذا الفريق ان الصيغة تتناسب اليوم مع المرحلة الراهنة في ظل الإختلاف السياسي ورغبة فئة من اللبنانيين بالعيش خارج المنظومة التي نهبت وأفقرت الشعب والمؤسسات، فاللامركزية تعزز التنافس الاقتصادي والاستثماري بين المناطق، بعد ان يصبح لكل منطقة ادارتها الذاتية المستقلة وعائداتها المالية والاقتصادية.