المتابعون لعملية تشكيل الحكومة لديهم وجهتا نظر وقراءتان للتطورات المتعلقة بها: القراءة الاولى تتحدث عن أن الأمور نضجت وانها بحاجة الى وضع اللمسات الأخيرة لتبصر الحكومة النور، وينطلق مناصرو وجهة النظر هذه من ان الأحجام معروفة ولا حاجة الى المزيد من العرقلة لأنها لن تغيّر في النتائج شيئًا.
وجهة نظر مقابلة تتحدث عن ان العراقيل والعثرات ما زالت تغلب التسهيلات، فخلافًا للتوقعات بسرعة ولادة الحكومة، وهي التوقعات التي راجت اثر تكليف الحريري تشكيل الحكومة، فان الشروط والشروط المضادة كان من شأنها فرض المزيد من الوقت لانضاج عملية التشكيل انطلاقًا من المعطيات التالية:
لجهة الحصة المسيحية في الحكومة فإن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل يرفضان تمثيل القوات اللبنانية بخمسة وزراء وفق ما يطالبون، والحجة في ذلك ان حجم الحزب النيابي هو 15 نائبًا وحصته هي 4 وزراء من دون حقيبة سيادية ومن دون منصب نائب رئيس الحكومة.
هذه العقدة ما زالت من دون أي معالجة، وتنتظر عودة الرئيس سعد الحريري من الخارج، في محاولة جديدة لاعادة تحريك محركات المعالجة.
في المقابل، فان العقدة الدرزية ما زالت على حالها خصوصًا بعد جولة العنف الكلامي بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، والتي وصلت الى حدود غير مسبوقة من التوتر، فالنائب السابق وليد جنبلاط لم يكتفِ بتوجيه الانتقادات لموقف الوزير باسيل من قضية النازحين، بل تجاوزه الى توجيه سهامه نحو الرئيس عون لموقفه الرافض مطلب الاشتراكي حصر التمثيل الدرزي به في الحكومة.
وهناك الحصة المشتركة لرئيس الجمهورية ولتكتل لبنان القوي، فالمعلومات تتحدث عن ان رئيس الجمهورية يريد ثلاثة وزراء فيما تكتل لبنان القوي يريد ستة وزراء، هذا يعني تسعة وزراء من اصل 15 وزيرًا هي حصة المسيحيين، يبقى ستة وزراء، فكيف سيتوزعون على القوات والمردة وربما الكتائب؟
السؤال الآخر عن حصة الرئيس السنيّة إذا صح التعبير، فهل سيوزر نائبًا سنيًا من خارج عباءة المستقبل أم يختار شخصية سنية قريبة منه من خارج النواب على غرار ما هو موجود في الحكومة الحالية؟
الجواب عن هذا السؤال يتوقف على ما سيقرره الرئيس سعد الحريري، فهل يقبل بخمسة وزراء سنّة في مقابل أن يسمي وزيرًا مسيحيًا تعويضًا عن تسمية الرئيس عون وزيرًا سنيًا؟
إنها الكلمات المتقاطعة الحكومية! مَن سيتمكن من الإجابة عن كل الأسئلة؟ لا أحد يعرف الى الآن، ومرحلة التشكيل ما زالت في المربعات الاولى حتى اثبات العكس.
وفي الإنتظار يملأ اللبنانيون الوقت الضائع في متابعة المونديال بعدما تعبت عيونهم في تعقّب كرة التشكيلة الحكومية.