خسر العماد ميشال عون، بقرار تأخير تسريح الضباط القادة الثلاثة، جولة جديدة من جولات معركته مع خصومه، لا سيما «تيار المستقبل»، لكنه يعتبر أنه لم يخسر معركته بعد، فقرر الاستعانة بالتحرك الشعبي، برغم موقف حلفائه الرافض للمشاركة في أي تحرك بالشارع، وإن كانوا في السياسة يؤيدون مطالبه ومواقفه.
في المقابل، يواصل رئيس الحكومة تمام سلام التصرف على اساس ان الموضوع طوي وأن جلسة مجلس الوزراء التي دعا اليها الخميس المقبل، ستواصل البحث في الملفات العالقة، وهو سيتابع اليوم بعد عودته من عطلة نهاية الاسبوع التي أمضاها في الخارج، اتصالاته حول هذه الملفات لا سيما النفايات، وسيرأس قبل جلسة مجلس الوزراء اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة متابعة موضوع النفايات، لاتخاذ القرار بعد فض عروض المناقصات وعرضه على مجلس الوزراء.
وأكدت مصادر وزارية أن الغموض يلف ايضاً جلسة الخميس، وسيكون مجلس الوزراء أمام اختبار جديد في مقاربة البنود المطروحة، وما اذا كان قرار تأجيل تسريح الضباط يتفاعل داخل الجلسة ويفجّرها أم أن الأمور ستبقى تحت السيطرة بفعل الاتصالات التي جرت من اجل التهدئة.
وقد نفت اوساط «التيار الحر» ما تردّد عن ان الاميركيين وسواهم ابلغوا العماد عون عبر سفاراتهم ضرورة التهدئة وعدم التصعيد، وذهب بعض مسؤولي «التيار» الى القول إنه لو جرت مثل هذه الاتصالات معنا لكنا رفضنا، الا ان مصادر «التيار» تشير الى أن التحرك الشعبي لو تقرر وحصل سيكون مدروساً ولن يؤثر على السلم الاهلي والاستقرار الداخلي.
وتؤكد مصادر في «التيار الوطني الحر» أن «حزب الله» لم يترك عون وحيداً في معركته السياسية داخل مجلس الوزراء وخارجه في موضوع التعيينات الأمنية، وانه حاول وسعى لدى كل الاطراف من أجل منع تمرير قرار تأجيل التسريح واللجوء الى خيارات اخرى من ضمنها مشروع قانون تعديل سن التقاعد لدى الضباط، وهو الاقتراح الذي قدّمه وزير الدفاع سمير مقبل قبل أشهر، لكنْ «تيار المستقبل» وحلفاؤه رفضوه أيضاً، ففشل مسعى الحزب لأن الفريق الآخر يمتلك الاكثرية في مجلس النواب وفي الحكومة.
وتشير مصادر التيار إلى أن الرئيس نبيه بري ايضاً حاول التوصل الى حل مقبول، لكن الاكثرية النيابية رفضت أي مسعى غير تأجيل تسريح الضباط القادة، وتؤكد أن الاتصالات بين التيار والرئيس بري لم تنقطع عبر بعض الاصدقاء، خاصة بعد توضيح موقف العماد عون بشأن شرعية مجلس النواب وقانونيته.
لكن مصادر أخرى «محايدة» ترى أن العماد عون، برغم أحقية مطالبه قانونياً ودستورياً وسياسياً، أخطأ في إدارة المعركة عبر تصعيد الخطاب ضد كل الأطراف بمن فيهم بري، وأنه كان بمقدوره العمل بصمت وسرية لتدوير الزوايا واقتراح حلول أخرى مقبولة وتسويقها لدى الفريق الآخر. الا ان مصادر «التيار الوطني الحر» ترد على هذا القول إن عون ومعاونيه حاولوا واقترحوا والتقوا بجميع الأطراف، حتى انه التقى الرئيس سعد الحريري ومعاونيه وتلقى منهم وعوداً، لكنهم نكثوا الوعود وأقفلوا بوجهه كل الابواب، في مجلس الوزراء وخارجه، بل حاولوا اختزاله من المعادلة السياسية، فكان أن رفع سقفه من قضية التعيينات الى قضية «المشاركة المسيحية في القرار».
وتقول مصادر وزارية في فريق «8 آذار» إن الوزراء من حلفاء «التيار الحر»، حاولوا أيضاً مقاربة موضوع التعيينات الأمنية بطريقة جدية، لكنها لم تطرح كما تمنّوا فاعترضوا ولم تحصل التعيينات، ولأنهم لا يؤيدون حصول فراغ في أي مركز في قيادة الجيش، لذلك مرّ قرار تأجيل التسريح بقليل من الصخب والرفض، ولم تكن له النتائج السلبية الواسعة في الوسط السياسي. إلا أن المصادر تقول إنها ستنتظر موقف العماد عون والتحرك الذي سيقوم به لتقرر موقفها، وتؤكد أن حلفاء عون سيبقون بقربه في مجلس الوزراء.