بدا خروج قطار تشكيل الحكومة عن سكة الحل وكأن لا عودة الى التعهدات التي اعطيت من اكثر من جانب سياسي مسؤول حيث تبين ان لائحة المطالب التعجيزية باتت بشكل نفق سياسي لا مجال للخروج منه، لاسيما بالنسبة الى ما صدر عن رئيس حركة «امل» رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يصر على حقائب وزارية معينة له ولحزب الله ولتيار المردة، فيما تقول اوساط في قوى 14 اذار ان مطالب «ابو مصطفى» الاخيرة لجهة اخذ حقيبة سيادية لجماعته، لم يعد مقبولا طالما ان القوى الاخرى الموالية والمتفاهمة مع التيار الوطني لم تنصف في المجال الذي طالبت به.
ساد الظن لبعض الوقت ان القوات اللبنانية ترى في توزير تيار المردة في غير محله، لمجرد انه فصيل سياسي لم ينتخب رئيس الجمهورية واصر على المعارضة مع ما يعنيه ذلك من وسائل غير منطقية يلح عليها من غير وجه حق، والا ستكون مطالب مماثلة لجهات سياسية مستقلة اثبتت الخسارة انها قريبة جدا من المناخ التفاهمي المرجو في الحكومة العتيدة لاسيما ان مجالات توزير لجميع على اساس ان انتاج حكومة وحدة وطنية يحتاج الى من بوسعه ان تكون مطالبه من ضمن المعقول، وهذا الشيء ينطبق حصرا على الرئيس نبيه بري وعلى النائب سليمان فرنجية اللذين زادت مطالبهما عن المعقول.
وما يقال حصرا عن تيار المستقبل، فان الواجب يدعو الى منحه حصة الاسد مثله مثل حصة التيار الوطني، واي كلام اخر لا بد وان يؤدي الى فركشة عملية تأليف الحكومة وكي لا تأتي الحقائب الوزارية وكأنها مفصلة على قياس امل وتيار المردة. وفي الحالين لن يستقيم الوضع الوزاري الا في حال انتظم العمل الحكومي بمعزل عن كل ما من شأنه تأخير تظهير صورة الحكومة في بداية العهد الرئاسي الذي يعني اولا من كان معه وليس من منطلق المجيء بكوتا وزارية لا تعني من هم مع العهد اولا وثانيا مع قوى الاكثرية، اي المستقبل وحزب الله وحزب القوات اللبنانية؟!
وفي مقابل كل ما تقدم فان محاولات اعادة وضع مشروع تأليف الحكومة على سكة الحل، لا يحتاج الى موافقة ضمنية من «امل» وتيار المردة، الا في حال كانت رغبة بمنع ظهور اية معارضة ديموقراطية مطلوبة بالحاح ليستقيم الوضع السياسي العام على اصول سياسية – نيابية وبرلمانية في وقت واحد. وهذا تصور ملح لكي تشكل الحكومة على قاعدة حرية التعاطي السياسي بمعزل عمن يمكن ان يلوحوا بمعارضة ضمنية، بحسب الذين لهم مواقف مغايرة ومتغيرة على مدار الساعة، من ضمن من لا يرغب في تشكيل حكومة منطقية وكي لا تتحول الحكومة الى سلطة امر واقع من النوع الذي تعاني منه حكومة الرئيس تمام سلام قبل ان تتحول الى حكومة تصريف اعمال؟!
ان الاعتراض الذي صدر عن الرئيس بري في وجه ما قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من مؤسسات الدولة قد هدد ويهدد طريقة تشكيل الحكومة من غير ان يعني ذلك ان رئيس المجلس قد نجح في جعل مشروع الحكومة اقرب ما يكون الى حال سياسية غير مشجعة، مع العلم ايضا ان توزير تيار المردة لا يتطلب كل هذه الضجة في وقت يتلازم تأليف الحكومة مع مطالب توزيرية محقة من جانب الذين اسهموا مباشرة وغير مباشرة في الانتهاء من الفراغ الرئاسي من دون حاجة الى احداث تغيير في نمط الحكم الذي سيطالب بأمور كثيرة الى جانب حكومة تفهم عليه ويفهم عليها؟!
اين الخشية في حال نجح الرئيس بري في منع انجاز تأليف الحكومة، حيث لا بد وان تتجدد المطالب بوزارة من لون واحد، وعندها كل طرف «يقلع شوكه بيديه» من غير حاجة الى القول ان الجميع مطالبون بانجاح مهمة العهد، بعيدا من المزاجية في المطالبة بمقاعد وزارية لمجرد ارضاء، فئات على حساب فئات اخرى سبق لها ان ساهمت في الانتخابات الرئاسية التي من الواجب اخذها في الاعتبار اكثر من مجرد اعتماد على التعقيد لمجرد التعقيد؟!
هذه ليست وجهة نظر محسوبة على العهد الجديد ورئيس الحكومة المكلف، قبل ان تتطور الامور بالاتجاه الذي لا يخدم المصلحة العامة، بقدر ما يلبي مصالح وغايات اشخاص لم تكن لهم يد في مجيء الحكم بقدر ما كانت لهم يد في المد في عمر الازمة على رغم كل ما يزعمونه عكس ما حصل؟!