ارتفع اخيرا معدل امتعاض رئيس الحكومة تمام سلام نتيجة عدم التفاهم السائد جلسات مجلس الوزراء، وقد ظهر في اخر جلسة لمجلس الوزراء وكأنه غاضب من السجالات الجانبية بين بعض وزرائه، بدليل ما حصل في جلسة التمديد لمطمر الناعمة حيث قيل يومها انه لولا تراجع وزراء اللقاء الديموقراطي عن تصلبهم لكان الرئيس سلام قدم استقالة حكومته، وان ما منعه عن ذلك، هو معرفته بان الاستقالة تعني عدم وجود حكومة في البلد، حيث لا رئيس للجمهورية، مع ما يعنيه ذلك من فراغ مخيف في مؤسسات الدولة!
ويلاحظ من المقدمات السياسية التقليدية التي يستهل بها الرئيس سلام جلسات مجلس الوزراء، تذكيره بضرورة انتخاب رئيس جمهورية بعدما تبين مرارا ان بعض الوزراء يعرفون ان ثمة استحالة امام استقالة الحكومة طالما تعذر تشكيل حكومة بديلة، ما يعني ايضا وايضا ان من الواجب والضروري انتخاب رئيس جمهورية حيث لا يعقل ان يبقى البلد من دون رئيس، مهما قيل عن ان الامور الرسمية «ماشية» وليس ما يشير الى ان عدم وجود رئيس يعقد الامور، والعكس صحيح من وجهة نظر الرئيس تمام سلام، الذي لا يترك مناسبة من دون التذكير بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية؟!
والذين يأخذون على رئيس الحكومة هذه المطالبة المستمرة بانتخاب رئيس يرون ان الحكم لا يتم بصورة طبيعية، لاسيما ان نتاج الحكومة لم يعد يجدي نفعا لان لكل وزير وجهة نظر مختلفة عن الاخر، مع ما يعنيه ذلك من خشية ملحة لاستقالة الحكومة التي بات رئيسها يرى امورا غير سليمة في طريقة ممارسته السلطة الامر الذي ينعكس على مجريات عمل السلطة قياسا على اوقات اخرى بامكان رئيس الجمهورية ضبطها وليس في وسع سواه اخذ الامور بصدره كما درجت العادة!
لقد حاول الرئيس سلام تجربة تحذير وزرائه من مغبة السجال السياسي ونتائجه على صعيد استمرار عمل الحكومة، لكن تبين له في النتيجة ان جميع الوزراء يعرفون نقطة الضعف ويتصرفون على اساسها، اي على اساس عدم قدرة احد على الرهان على تغيير الحكومة، طالما ان هناك عقبات دستورية وقانونية تحول دون ذلك، كما دلت تصرفات رئيس مجلس النواب نبيه بري على انه بات يشعر بما يعانيه الرئيس سلام، وقد تدخل اكثر من مرة لمنع انفجار الحكومة من الداخل؟!
وتجدر الاشارة هنا الى ان وزراء 14 اذار يرون المشهد الحكومي غيره بالنسبة الى وزراء 8 اذار، مع علم الجميع ان الرئيس سلام لا يفاضل بين وزرائه، لكن يرى ان من الافضل والاسلم عاقبة ان يقوم كل وزير بما هو مطلوب منه، كي لا يضطر الى تكرار تذكير بعض الوزراء بان هؤلاء يتصرفون وكأن كل واحد منهم «فاتح حكومة على حسابه» والادلة على ذلك ان المشروع الامني الخاص بمنطقة البقاع لم يجد ترحيبا من بعض الوزراء ما جعله يتأخر لتستمر معه المناكفات حيث لكل وزير وجهة نظر مختلفة ولا تلتقي بما تتطلب المصلحة العامة؟!
اضافة الى ما تقدم هناك «مشاريع انماء واعمار ملحة» لمنطقتي الشمال والبقاع لا تجد من يدافع عنها، بدليل الخشية من تكرار المصادمات الامنية في الشمال عموما وفي طرابلس خصوصا فضلا عن محاذير تنفيذ الخطة الامنية في البقاع بمعزل عن اي غطاء سياسي ملح كي لا تصطدم الخطة بمصالح بعض الذين لديهم مآخذ على من يرى ان لا حاجة الى ادخال البقاع في متاهة خطط امنية من الصعب بل من المستحيل الاتكال عليها في الوقت الراهن!
اما بالنسبة الى معاناة الجيش في منطقة شرق البقاع، هناك من يجزم بوجود عوائق في عدد من النقاط الامنية الحساسة التي تحول دون انتشار الجيش فيها، فيما يتكل بعض الوزراء على ما بوسع قوى حزب الله القيام به جراء هذا الانتشار من قبل قوى الشرعية في وقت يستحيل على الجيش التحرك كي لا يصطدم بمراكز حزب الله التي تتسبب له في اشكالات عسكرية من الصعب تخطيها بالوسائل التقليدية، وهذا ما حصل مع الجيش في منطقة رأس بعلبك بعد المعارك التي دارت في جرود مدينة عرسال؟!
اما قول البعض من الوزراء ان حزب الله قادر على الامساك بزمام الامور في محيط بعلبك، فان ذلك لم يؤد الغاية المرجوة منه حيث حصلت مشاكل بين الجيش وعناصر حزب الله جرى التكتم عليها كي لا تتطور الامور الى الاسوأ، وهذا بدوره شكل نقطة تباعد داخل جلسات مجلس الوزراء، اضف الى ذلك ان الحزب في وارد تحميل الجيش نتائج عدم نجاح مواجهته مع الارهابيين الذين شكلوا مرارا نقاط ضعف في الاماكن المتداخلة ببعضها في جرود عرسال – بعلبك ما يهدد باثارة المزيد من المشاكل التي يستحيل التعتيم عليها؟!