Site icon IMLebanon

حكومة توافق وطني مصغّرة؟!

الرئيس المكلّف سعد الحريري، اطفأ محركات تشكيل الحكومة، وكذلك فعل رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعدما اجتمعا في قصر بعبدا برئيس الجمهورية ميشال عون، وتمنيّا عليه، او اتفقا معه، على تشغيل محركاته في ما تبقى من ايام هذا الاسبوع، لايجاد حل ما، يخرج الدولة ولبنان من مأزق كبير لمطلب صغير، هو توزير نائب سني، رغم ارادة وعدم موافقة سعد الحريري، وسرعان ما تحوّل هذا المطلب الى أزمة مستعصية من جهة، والى صراع عضّ الاصابع بين تيار المستقبل وحزب الله من جهة ثانية، بما يعني ان الساحة السياسية اليوم مفتوحة امام الرئيس عون وحده لايجاد حل يحول دون وصول لبنان الى الكارثة، لان عون اكد في جواب له على سؤال، «ان اخطار عدم تشكيل حكومة تعني الوصول الى كارثة».

الحركة اذن محصورة في قصر بعبدا، وكان اول غيثها استقبال عون رئيس كتلة نواب حزب الله محمد رعد، على اعتبار ان الحزب لاعب اساسي في عملية التشكيل ككل، وفي الاصرار على توزير نائب سنيّ حليف، بانتظار ان تكرّ سبحة اللقاءات والاتصالات قبل عودة الرئيس المكلّف في نهاية الاسبوع من لندن.

في هذه الايام القليلة المتبقية من الاسبوع، يعيش اللبنانيون همّ الاوضاع الاقتصادية التي يكثر الحديث المتشائم عنها في وسائل الاعلام، وكان آخرها ما صرّح به رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية جورج عدوان بالقول «خائفون من الوصول الى الانهيار ونحن في قلبه»، وهذا الهمّ ليس وحيداً عند اللبنانيين، فالاوضاع في حدودنا الجنوبية لا تبشّر بالخير مع اعلان اسرائيل يوماً بعد يوم عن اكتشاف انفاق في مستعمراتها او قريبة منها، والتطمين الذي حملته السفيرة الاميركية للرئيس عون بان اسرائيل لا تحمل نيّة عدائية ضد لبنان، قد يكون مشروطاً بان تأخذ الدولة اللبنانية تدابير بالنسبة الى الانفاق المزعومة تريح الدولة العبرية، كما ان الاحداث الامنية في فرنسا، الدولة الاساس المعنية بما قرره مؤتمر «سيدر» من مساعدات، لدعم لبنان في خطة اصلاح قصيرة وطويلة الامد، يخشى اللبنانيون ان تطيح بما قرره «سيدر»، اولاً بسبب تأخير تشكيل الحكومة، وثانياً بانصراف فرنسا الى الاهتمام بشؤونها الداخلية، وبالتالي اصبح تشكيل الحكومة بصورة عاجلة، عملية حياة او موت بالنسبة الى لبنان وشعب لبنان.

* * *

عديدة هي القيادات السياسية والروحية، والفاعليات الاقتصادية والمالية، التي تستغرب وتستهجن عدم تفكير المسؤولين، او قبولهم بتشكيل حكومة انقاذ مصغرة، تحمل في داخلها روح التوافق الوطني، على غرار الحكومة الرباعية الانقاذية التي شكلها الرئيس اللواء فؤاد شهاب بعد انتهاء احداث 1958، وكانت مؤلفة من الحاج حسين العويني رئيساً وعضوية رشيد كرامي وريمون اده وبيار الجميل، ويمكن القول انها كانت من افضل الحكومات انتاجاً بنقلها لبنان من حالة الاقتتال الى حالة السلام فماذا يضيرنا تأليف حكومة مثلها او اكبر، لتنقل لبنان من الموت السريري الى الحياة؟