Site icon IMLebanon

حكومة وحدة وطنية من انتخابات مذهبية؟

 

مسلسل المفارقات طويل في سيناريو تأليف الحكومة: كثير من الطبّاخين، وليس في الطبخة حتى الآن شيء على النار أو حتى في الطنجرة. اجماع على الاسراع في التأليف لمواجهة مخاطر وتحديات في لبنان والمنطقة، وغرق في التفاصيل وتنظيم العقد في لعبة الحصص كأن الأوضاع عادية والبلد مرتاح وحديث المخاطر والتحديات هو للاستهلاك. وارتياح للانطباع السائد اننا على الطريق الى حكومة صُنع في لبنان ثم الرهان على انتظار تطورات من حولنا تنعكس على عملية التأليف، بدل ان تكون الحكومة جاهزة لمواجهة التطورات.

لكن الرئيس المكلف سعد الحريري متفائل، ولو على طريقة اختراع الأمل كواحد من واجبات المسؤولين على حد تعبير الرئيس سليم الحص. متفائل بما يدفعنا اليه عصف الأزمات لأن التحديات الاقتصادية التي أمامنا ومخاطر الاشتباك الاقليمي وأعباء النزوح السوري لا تعطي أحدا منّا حقوقا في تضييع الوقت وممارسة الترف السياسي وعرض العضلات. ومتفائل بالوصول الى فريق حكومي يضع مصلحة البلد قبل المصالح الخاصة والمصالح الحزبية. وهذه، قياسا على الواقع، قمة المفارقات. فما شهدناه ولا نزال في المعارك الانتخابية وبعد النتائج وعلى طريق الحكومة هو الكثير من ممارسة الترف السياسي وعرض العضلات، والقليل من الالتفات الى المصلحة الوطنية وسط التركيز على المصالح الخاصة والحزبية.

وما نعانيه هو الإنفصام السياسي على أكثر من مستوى.

ذلك ان التأخر في تأليف الحكومة هو أبسط واحدة من الأزمات التي تدور بنا ونحن نتصور اننا نديرها. الأزمة الكبيرة هي انه ليس لنتائج الإنتخابات علاقة عضوية بالردّ على التحديات امام لبنان. والأزمة الأكبر هي التسليم بالعجز الكامل عن أي تغيير جدّي في الأزمة البنيوية العميقة للنظام، بحيث علينا التعايش مع الأزمة على اساس أنها الحل أو أقله أنها الوضع الطبيعي.

أليس من الوهم الوصول الى وحدة وطنية او الى حكومة وحدة وطنية بالمعنى الحقيقي، لا بالإسم، حين ننطلق من محطة انتخابات نيابية ذات طابع طائفي ومذهبي فاقع؟ أليس من الصعب، ولو كانت العصبية الوطنية في عزّها ومهما تكن النيّات والرغبات قوية، ان نتجاهل الوقائع والظروف التي قادتنا الى ما يسمى الإستقرار المحلي في خدمة الإضطراب الإقليمي، والتعايش بين لبنان الايراني – السوري ولبنان السعودي – الأميركي وشيء من بقايا لبنان الفرنسي ولبنان المصري؟.

وليس هناك جواب واضح عن سؤال بسيط: ما الذي يحول دون ان نذهب مضطرين أو مختارين الى حكومة تكون جزءاً من المشكلة، لا من الحل؟.