مصادر حزب الله «السيبيريّة» ألقت بالأمس كمية هائلة من «السوداويّة» في وجه اللبنانيين، من المفارقات أن يصبح الحزب الذي «آخر همّو» لبنان باعتبار أولوية أجندته الإيرانيّة قلبه على البلد، «لا حكومة في القريب العاجل لا اليوم ولا بعد اشهر ولا بعد الميلاد ورأس السنة… الحكومة باتت في سيبيريا وان معدل حرارتها ما دون الصفر»، صحيح أنّه لا حكومة في الأفق، ولكن إلى هذا الحدّ هذا تسريب مخيف جداً!
فيما البلد مشغول بالتراشق الكيدي، وتخاض فيه حروب شنعاء من فريق العهد في وجه كلّ من يبدي ملاحظة واحدة على ملفّات تمسّ اللبناني في صميم حياته، خرجت مصادر حزب الله في توصيفها السوداوي لحال تشكيل الحكومة وكأنّها الـ»ملائكة» والحريص الوحيد والخائف على وضع الناس، صحيح أنّ البلد شبه ميّت، أو حتى «مات»، وأنّه «إكرام الميّت دفنه»، لأنّ البلد يتحلّل ويتعفّن، إلا أنّ «خطيّة» هذا البلد وشعبه في رقبة حزب الله، لا في رقبة اتفاق معراب ولا التسوية الرئاسية، تعطيل حزب الله للحياة السياسية في لبنان منذ العام 2005 هو الذي أوصل لبنان إلى «أزمة حكم»، ومن لا يريد أن يرى أنّنا دخلنا في «أزمة حكم» واهمٌ يفضّل التعامي عن المأزق الكبير الذي بلغه لبنان، والانهيار الآتي بأسرع مما يتخيّل كثيرون!
«الحرارة السيبيريّة» التي تحدثّت عنها مصادر حزب الله بالأمس، هي من صناعة الحزب اللاهي الذي عطّل انتخابات الرئاسة في لبنان لمدّة عامين، وحال الاهتراء التي بلغها البلد يتحمّل حزب الله مسؤوليتها منذ فرض معادلته على كلّ المستويات على اللبنانيين بقوّة السلاح، المضحك ـ المبكي أنّه يتباكى على الوضع الاقتصادي المخيف، ويتباكى على تعطيل تشكيل الحكومة لتمترس الفرقاء خلف مطالبهم، فيما اللعبة مكشوفة عالآخر، لأنّ فريق واحد أدخل الحكومة في الحال السيبريّة!
هَزُلت إلى حدّ أنّه في الحال التي وصل إليها البلد أصبح «حزب الله يعظ» ويؤنّب «من يدّعون الحرص على البلد لا يأبهون بالوضع الاقتصادي المُزري والمتدهور الذي يمرّ به، وكأنهم لا يقرأون الارقام المُخيفة عن حال الاقتصاد»، للمناسبة إذا كان حزب الله قلبه على البلد فليتفضّل ويعقد اجتماعاً عاجلاً مع حليفه رئيس التيار الوطني الحرّ ويطالبه بالكفّ عن تعنتّه عندها ستتشكّل الحكومة في بضعة أيام، بدلاً من تجميد اللبنانيين في أوهام الجليد السيبيري!
من قلبه على البلد، فليتفضّل ويُقدم على مبادرة تساهم في الحلحلة، وتطالب «الشباب مش عايشين بالجوّ ولا يكترثون بما يحلّ بنا» بأن يقلعوا عن سياسة التعطيل والمكابرة رأفة بالبلد والعباد، أمّا تهويل المصادر بأنه لا حكومة «لا الآن ولا بعد اشهر ولا بعد الميلاد ورأس السنة»، فلا يردّ عليه إلا بجملة «وعمرو ما يكون في حكومة»، سبق وقيلت هكذا جملة للبنانيين بعد تعطيل استمرّ أشهراً من أجل توزير شخص واحد، وكان البلد يومها «شبه ميّت» أو «مات» ولم يكرمه أحد بدفنه!
لبنان في أزمة كبرى، وهي ليست أزمة تشكيل حكومة ولا توزيع حقائب وزاريّة، حتى لو تجاوز البلد هذا القطوع وتشكّلت حكومة هناك مئات المشاكل التي ستركب وتعطّل البلد، هناك فرق كبير بين «الوفاق الوطني» قولا والتحكّم والتعنّت والفرض بالإكراه فعلاً على جميع الفرقاء الآخرين تصوّر فريق واحد، بصراحة «كَفّرونا»!