بما يشكله تأخير موعد الاستشارات النيابية الملزمة، من تعد على صلاحيات رئيس الحكومة المكلف الذي أناط به الدستور تشكيل الحكومة، فإن إصرار قوى سياسية على رفض حكومة تكنوقراط، كما يصر الثوار على وجوب تشكيلها، والعودة إلى نغمة الحكومة السياسية، يعكس بكثير من الوضوح، وجود نوايا مبيتة لعدم الاستجابة لمطلب المنتفضين في الساحات منذ السابع عشر من الشهر الماضي، وهو ما سيزيد الأمور تعقيداً ويأخذ البلد إلى أزمات جديدة، لأن يكون من السهل الخروج منها .
وبالتالي فإن المشكلة الأساسية، كما تشخصها أوساط قيادية في حزب «القوات اللبنانية» لـ«اللواء»، تكمن في أنّ «الأكثرية الحاكمة تتعامل مع موضوع تأليف الحكومة بخفة كبيرة جداً، وتحديداً الوزير جبران باسيل الذي ما زال يصر على تشكيل حكومة يستطيع من خلالها مواصلة تأثيره على سياساتها، غير مبال بالوضع الاقتصادي الكارثي الذي وصل إليه لبنان، وليس مهتماً بأن هذه السياسة التي اعتمدت منذ الـ2008 ، أوصلت الوضع إلى ما وصلنا إليه، باعتبار أنّ لبنان اليوم أصبح في صلب الانهيار، ولذلك يمكن القول أن كل المحاولات التي يجريها، وكلامه عن حكومة اختصاصيين وغيره، لا يعكس حقيقة موقفه، بقدر ما يريدها حكومة مستشارين، ما يعني أنّ هناك فارقاً كبيراً جداً بين حكومة اختصاصيين وحكومة مستشارين».
ولفتت، إلى أن «حكومة مستشارين، تعني أنّ باسيل هو الذي يقودها بـ«الريموت كونترول» من «ميرنا الشالوحي»، وهذا سيقود البلد حكماً وحتماً إلى الانهيار ، في حين أنّ وجود حكومة اختصاصيين مستقلة عن القوى السياسية، يوحي بالثقة ومن أجل قيادة ورشة الإنقاذ والإصلاح»، مؤكدة أنّ «رئيس التيار الوطني الحر، ينظر إلى ما حصل في السابع عشر من تشرين، على أنه مسألة عابرة، وأن بإمكانه أنّ يضحك على الناس إذا جاز التعبير، أي أننا شكلنا حكومة، على غرار ما تريدون».
وشددت على أن «هناك مسألتين أساسيتين، وهما أولاً: أنّ الناس لن تخرج من الشارع، ما لم تتأكد وتتثبت من وجود حكومة جديدة قادرة على الإنقاذ. وثانياً : تشكيل حكومة تكون فعلاً قادرة على التغيير والإصلاح، وليس أنّ تكون حكومة لاستمرار الوضع الحالي».
وكشفت الأوساط «القواتية»، أنّ «الرئيس سعد الحريري ما زال متمسكاً بتشكيل حكومة اختصاصيين، لأنه يعتبر أنّ البلد وصلت إلى وضع بالغ الخطورة، ما يقتضي وجود حكومة توحي بالثقة في الداخل والخارج، من أجل أنّ تتمكن من استقطاب رؤوس الأموال، بما يؤدي إلى فرملة الانهيار الشامل»، مشيرة إلى أن «عدم تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، يعود إلى الخلاف على شكل الحكومة».
وإذ أيدت الأوساط، «تفعيل عمل المؤسسات وأجهزة الرقابة والمحاسبة»، إلا أنها أبدت خشية من «أخذ الأمور إلى مكان آخر، بمعنى أنّ المطلوب اليوم تشكيل حكومة، أي الذهاب إلى جوهر المشكلة، ومن ثم الذهاب إلى استكمال محاربة الفساد والقضاء على الفاسدين» .