يستمر عضو «تكتل لبنان القوي» النائب شامل روكز في تكريس تمايزه عن بعض سياسات «التيار الوطني الحر» وخياراته، محاولاً تثبيت حيثيته الخاصة في «البيئة البرتقالية»، حتى لو قاده ذلك الى الوقوف على مسافة من مواقف ومقاربات معينة تطلقها قيادة «التيار»، معبّراً عن آرائه بشفافية وصراحة.
الأضرار المترتبة على عاصفة «نورما»، جاءت لتزيد من نقمة روكز على الوضع العام وعلى سلوك الدولة «المتخبّطة»، فيما كان يُعاين عن قرب الخسائر التي خلّفتها العاصفة في بعض مناطق كسروان، مستغرباً العجز الرسمي الفاضح والفادح في مواجهتها.
وروكز المغوار المتقاعد، يشعر بغياب «المغاوير» في السلطة المترهّلة، مشيراً الى انّ أمطار «نورما» فضحت مرة أخرى هذه الدولة الهشّة، من الوزراء، الى المتعهدين، الى كل المولجين بصيانة البنى التحتية وباتخاذ الاجراءات البديهية للتعامل مع مفاعيل العواصف. مضيفاً: الاضرار التي حصلت ليست هي الكارثة، بل انّ الكارثة الحقيقية تكمن في طريقة تعامل المسؤولين والاجهزة الرسمية مع العاصفة، وكأنّ المعنيين فوجئوا بها، في حين انه كان معروفاً منذ أسبوع بأنها ستضرب لبنان، من دون ان تتخذ أي تدابير وقائية واستباقية لاحتوائها.
ويلفت روكز الى انه كان المطلوب ان يبادر رئيس الحكومة مُسبقاً الى تشكيل خلية أزمة، تضمّ كل الجهات المختصة، لمواجهة تأثيرات العاصفة وتداعياتها وفق خطة متكاملة تتوزع فيها الأدوار والواجبات، بدل أن تتم المعالجات بالمفَرّق، تحت وطأة الصدمة، وعلى قاعدة رد الفعل الارتجالي والعشوائي.
ويعتبر روكز انّ ما يطرحه هو من البديهيات في اي دولة منتظمة بالحد الأدنى، «وأنا بالتأكيد لا أخترع البارود حين أشدد على ضرورة ان تكون هناك خلية أزمة في مثل هذه الظروف»، مُبدياً أسفه لكونهم «ما بيعرفوا يشتغلوا… ولا حياة لمَن تنادي».
ويلاحظ روكز انّ هناك وضعاً من انعدام الوزن يسود هذه المرحلة نتيجة وجود حكومة تصريف أعمال، يتلطّى البعض خلفها لتبرير تقصيره او قصوره في تحمّل مسؤولياته، لافتاً الى أنه سبق له ان قدّم اكثر من سؤال الى الحكومة، «لكن حتى الآن لم أحصل على الاجوبة بفعل الهروب المستمر الى الأمام».
وانطلاقاً من هذا الواقع المهترئ، يستغرب روكز التأخير المتمادي في تشكيل حكومة جديدة، تتولى التصدي للازمات والملفات المتراكمة التي يرزح المواطن اللبناني تحت أعبائها وأثقالها، رافضاً الصيغ الفضفاضة المتداولة لأنها لا تفي بالغرض المطلوب.
ويعتبر روكز انّ صيغة الـ32 او 36 وزيراً هي «جرصة» قياساً الى واقع لبنان، متسائلاً: ما الحاجة الى كل هؤلاء الوزراء، وما الجدوى خصوصاً من 6 وزراء دولة لا عمل لهم ولا يتأتّى منهم سوى المزيد من الهدر؟
ويتابع: ماذا يفعل وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد او وزير الدولة لشؤون مجلس النواب وغيرهما؟ ألا يسمع المسؤولون «المسَبّات» من اللبنانيين بسبب استفحال الفساد والهدر؟
ويشدد روكز على انّ البديل عن التشكيلات الواسعة المطروحة يتمثّل في اعتماد خيار الحكومة المصغّرة التي تضم فقط 14 وزيراً، من أصحاب الكفاءات القادرين على معالجة هموم الناس، «وإذا كان صعباً في ظل تركيبة لبنان المعقّدة وتوزاناته الدقيقة اختيار وزراء تكنوقراط بالكامل، فبإمكان القوى السياسية أن تختار الافضل لديها، من أصحاب الاختصاص، للاستعانة بخبراتهم في مواجهة القضايا الحيوية التي تهمّ الناس»، مشدداً على انّ التشكيلة المصغّرة تنطوي على حسنات عدة من بينها حماية التضامن الوزاري والسماح بحصول محاسبة أو مساءلة نيابية، «وهو الأمر الذي يصبح متعذّراً حين يكون معظم المجلس النيابي ممثلاً في مجلس الوزراء».
ويقترح روكز سلة متكاملة للحل تتضمّن المسارات الآتية:
– تشكيل حكومة مصغّرة ورشيقة.
– تفعيل دور مجلس النواب في التشريع والمحاسبة.
– عقد طاولة الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية للبحث في القضايا الاساسية.
ويوضح انه ناقش اقتراح الحكومة المصغرة مع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «تكتل لبنان القوي» الوزير جبران باسيل، كاشفاً «انّ باسيل لم يتحمّس لها وهو يفضّل التركيبة الموسعة لأنه يعتقد انّ الكتلة النيابية الكبيرة يجب ان تنال الحجم الذي تستحقه في مجلس الوزراء، امّا أنا فلا يهمني سوى ان تمشي أمور البلد…».
ويلاحظ روكز انّ المفاوضات حول تشكيل الحكومة توحي بأنّ الكل يناورون، «بحيث انهم يطرحون شيئاً فيما يُضمرون شيئاً آخر».