IMLebanon

حكومة الحضن الإيراني

 

هناك من يشيع في البلد أجواء عن حكومة تترجم غالبيّة نيابيّة لحزب الله، من المفهوم أن «يُترغل» الجنرال قاسم سليماني بهكذا كلام وهو على حافّة الطّرد من سوريا، ويتعرّض لثورة ترفض وجوده وسيطرة حرسه الثوري في العراق، وتتكسّر أياديه في اليمن، ويريد أن يترجم «انتصاراً وهميّاً» حكومة في لبنان، أمّا أسخف ما يُراد لنا أن نصدّقه فعودة سيطرة سوريّة لبشّار الأسد على لبنان بسبب «بعبعة» أحد رموز وصايته سابقاً في لبنان!

 

«خلّي» بشّار الأسد «يخلّص» برأسه في دمشق، السيطرة الحقيقيّة والولاية على بقائه «خيال صحرا» في قصره معقودة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالتأكيد تناهى بالأمس إلى المسمع الإيراني رفض إسرائيل لمقترح روسي بإبعاد الوجود الإيراني في سوريا مئة كيلومتر عن الحدود، هل هذا انتصار لمحور الشرّ الإيراني أم هزيمة كاملة لمخطّطه في المنطقة، وفي الوقت الذي تختنق فيه إيران بالعقوبات وتنهار من داخلها، يريدنا البعض أن نصدّق أنّها ستحصل على حكومة في لبنان، في وقت يعاني فيه حزب الله من تجفيف موارده الماليّة، والخوف يتآكله من العقوبات المرتقبه عليه وعلى بيئته.

بالأساس العُقد التي تعرقل تشكيل الحكومة هي نزاع حصص لبناني ـ لبناني، هذا دأب اللبنانيّين في التصارع والتنازع داخليّاً، وهذا أمر مؤسف حقاً لأنّه يوحي أنّنا بحاجة إلى وصيّ يفرض علينا حكومات فيما نعجز نحن المرّة تلو الأخرى حتى في حال الاتفاق السياسي عن تشكيل حكومة، هذه حقيقة على اللبنانيّين أن يواجهوها إذ تأتي الحلول مفروضة من الخارج، ومن «الحُمْق» أن يصدّق فريق أنّه باستطاعته التسلّط على فريق، هذا بلدٌ للأسف لا يحكم بالديمقراطيّة بل بالتسويات.

بضعة أشهر إلى الوراء تذكّر الجميع بأنّ حزب الله لم يستطع إيصال الرئيس ميشال عون إلى سُدّة الرئاسة طوال عامين ونصف، «معراب» ومصالحتها وشجاعة الدكتور سمير جعجع صنعوا اللحظة الرئاسية، وتمّم صناعتها الرئيس سعد الحريري، حرام.. لا يستحق اللبنانيّون إشاعة هكذا أجواء لتيئيسهم، والبعض يريد استغلال قمة هلسنكي ويخترع لها ترجمات، بالرّغم من أنّ أوّل إرهاصات نتائجها عودة اللاجئين من لبنان والأردن إلى سوريا.

ولا إيران ولا ألف حزب لها يستطيع أن ينتصر في لبنان ولا في المنطقة بشكلٍ حاسم في المنطقة، نعم إيران زعزعت أمن المنطقة برمّتها، ولكنّها فشلت حتى في فرض سيطرتها بشعرة فيها، وهذه الفورة الشيعيّة الفارسيّة اعتاد عليها التاريخ العربيّ الذي هبّت عليها الرياح العاتية دائما من خراسان وانتهت كلّها بنكبات على أهلها!!

«هذا التتييس» الذي يعرقل تشكيل الحكومة لبناني صرف، صحيح أن الرئاسات لا تعاني فراغاً دستوريّاً، ولكنّنا في لبنان نعاني من فراغ كبير على مستوى الممارسة السياسيّة، هذا بلدٌ مُعقّد جدّاً، والمماحكات فيه هي الأمر الوحيد الذي يملأ هذا الفراغ السياسي، ديموقراطية ممارسة العمل السياسي «ترف» لا يفقهه الساسة اللبنانيون، ولا يجيدون من السياسة إلا رفع السقوف والكذب على الشعب برفع شعارات طنّانة رنّانة هي مجرّد كلام أجوف يتملّصون منه متى انتفت مصلحتهم فيه، ولا يجدون حرجاً في الانقلاب 180 درجة على شعاراتهم الزائفة متى صارت مصالحهم على الضفّة الأخرى، هكذا نوع من العمل السياسي بالتأكيد يسمح لمروّجي الانتصارات الوهميّة أن يخوّفوا اللبنانيين بحكومة الحضن الإيراني، فيما إيران نفسها تحتاج إلى من يحميها من مواجهة مصير قاسٍ ينتظر نظامها وملاليها!