إقتراح حلّ بمستوييْن اثنيْن طرحه بالأمس رئيس حزب القوات اللبنانيّة الدكتور سمير جعجع، وقد يكون الدكتور جعجع أكثر العارفين أنّ اقتراحه لن تعيه أذنٌ واعية، وأنّ حزب الله الذي «يمنع» تشكيل الحكومة، وأنّه لن يقبل أيضاً بتفعيل اجتماعات الضرورة لحكومة تصريف الأعمال، ولكن تكمن أهميّة اقتراح الدكتور جعجع بإعادة تصويب بوصلة وسط ما يحدث، بأنّ تقييم تشكيلة أي حكومة يتمّ تحت قبّة البرلمان عند طرح الحكومة بيانها وطلب الثقة النيابيّة على أساسه، فإمّا تمنح أو تحجب، نسيَ اللبنانيّون بفضل تعطيل حزب الله أصول اللعبة السياسيّة الديمقراطيّة في لبنان.
وقبل التوقف عند مطالبة الدكتور سمير جعجع بالأمس، علينا أن نشير أن ما يريد «الحكيم» استدراكه ويحرص عليه «حتى لا يلفظ الطائف أنفاسه»، علينا أن نشير هنا «أنّ الطائف لفظ أنفاسه» ومن زمن بعيد أيضاً، منذ تم تعطيل تطبيقه مع انطلاقة «عمليّة عاصفة الصحراء»، وعند «اقتياد» سمير جعجع إلى سجن وزارة الدفاع، وأن الخمسة عشر عاماً التي حكم فيها الاحتلال السوري لبنان شكّل هو الحكومات وعيّن الرؤساء والقادة العسكريين وموظفي الفئات بمعظمها، وليس أدلّ على ذلك من أنّ كل مطالبة بتطبيق اتفاق الطائف وانسحاب الجيوش الأجنبيّة ونزع سلاح الميليشيات، قابلها فوراً تصريحات من الدّمى السياسي التي عيّنها المحتل تطالب بإلغاء الطائفيّة السياسيّة، لتخويف المسيحيّين بـ «العدديّة والأكثريّة المسلمة»، والأمر مستمر حتى اليوم يستخدمه حزب الله وفي مناسبات عديدة!
لن يستطيع رئيسيْ الجمهوريّة والحكومة التجاوب مع مطلب الدكتور سمير جعجع بأن «إمّا يقولان لحزب الله نريدك في الحكومة، أعطنا اسماء وزرائك، فإذا سلّمهما إياها كان به، وإلا يشكلان حكومة بمن حضر»، لن يستطيعا لسبب بسيط هو أنّهما لا يملكان شجاعة الإقدام على هكذا خطوة خوفاً من ردات فعل حزب الله إذ سيعلن فوراً بالتضامن والتكافل مع رئيس المجلس النيابي (رئيس حركة أمل في نفس الوقت) خروج الطائفة الشيعيّة من الحكومة، وسيرشقان في وجوهنا جميعاً ـ كالحذاء ـ المادّة ي من مقدمة الدستور»لا شرعية لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك»، وأنّه قادر على إطلاق «جحافل بيئته» في الشوارع اللبنانيّة تحتج وتحطّم وتحرق الإطارات غضباً وضد هذا التوقيع.
1 Banner El Shark 728×90
«الدستور» و»الديموقراطية» اللّذان تحدّث عنهما الدكتور سمير جعجع، قتلهما حزب الله عن سابق تصور وتصميم واصرار وتصميم وترصّد بممارسته التعطيل طوال السنوات الماضية، بل أكثر من هذا، ربما الدكتور سمير جعجع أول العارفين أنّ حزب الله أسقط الدستور اللبناني وأبطل العمل به إلا شكليّاً منذ أعلن أمين عام حزب الله حسن نصر الله في آب العام 2016 الوثيقة السياسيّة لحزب الله، والتي حلّت محلّ الدستور اللبناني، ونصّ فيها الحزب على أنّ «الديمقراطية التوافقية تشكّل صيغةً سياسيةً ملائمةً لمشاركة حقيقية من قِبَل الجميع، وعامل ثقة مطَمْئِن لمكونات الوطن»، بالطبع حتى إلغاء الطائفيّة السياسيّة، وللمناسبة هذا الإلغاء بالنسبة لحزب الله ليس كما يفهمه اللبنانيّون أبداً!
«الديمقراطيّة التوافقيّة» بدعة إيرانية نظّر لها كتّاب الممانعة وألّفوا فيها كتباً وكان العراق أوّل منطقة طبّقت فيها إيران تجربة التعطيل فيها، إلى حين تمكّنها من تحويل العراق إلى دولة شيعيّة فارسية صرفة.. صحيح أنّ مكان تقييم تشكيلة أي حكومة هو تحت قبّة البرلمان، ولكن أيّ برلمان؟ البرلمان الذي تمّ إغلاقه في وجه النوّاب لمدة عامٍ ونصف، حتى هذا الموقع يملك حزب الله سلطة إغلاقه ومنعه أيضاً من عقد أي جلسة!