Site icon IMLebanon

حكومة على الناس

 

أثبتت الحكومة من خلال ما كشفت عنه مناقشات النواب من موالين ومعارضين قبل تصديق الموازنة بأنها عن حق وحقيق حكومة على الناس وليست مع النّاس، فالموازنة التي قدمتها إلى المجلس النيابي لم تترك زاوية تستطيع من خلالها ان تنال من هؤلاء النّاس وتزيد من افقارهم الا واستخدمتها، حتى اضطرت جميع القطاعات إلى النزول للشارع احتجاجاً على ما لحق بها من حرمان على يد هذه الحكومة، حتى ان موظفي القطاع العام وجدوا أنفسهم مستهدفين في لقمة عيشهم من هذه الحكومة كذلك الأمر بالنسبة إلى العسكريين وباقي الأجهزة الأمنية من متقاعدين وغير متقاعدين، وقس على ذلك بالنسبة إلى المعلمين المتقاعدين وأساتذة الجامعة اللبنانية، وكل القطاعات الأخرى العاملة في الدولة لكي توفّر الحد الأدنى من الدخل المحدود الذي يقيها شر الفقر أو التسكع على أبواب كبار رجال المال من أهل السياسة طلباً للحصول على ما يكفي لتأمين قوت يومهم وعيالهم.

 

أصاب رئيس الكتائب اللبنانية الشيخ سامي الجميل عندما لعن تلك التسوية التي انتجت هكذا حكومة همّها الوحيد افقار الشعب اللبناني بدلاً من وضع موازنة منتجة تكون حرباً على الفقر والعوز وتوفر لهذا المواطن كل حقوقه لكي يعيش مطمئناً على مستقبله ومستقبل اولاده داخل دولة، وليس مع مجموعة من الحيتان همها الأوّل والأخير تكديس مال الدولة في جيوبها على حساب المواطن الذي يدفع الضرائب لها بإنتظام وبلا تردّد، وإن كان ذلك على حساب لقمة عيشه المبللة بدمه وليس بعرقه وحده، واعتبر انها – التسوية – هي التي أنتجت هذه الحكومة لكي تقتص من الفقراء وتحمي الأغنياء الذين لم يعد يزيد عددهم عن الثلاثة أو الأربعة بالمئة من مجموع الشعب اللبناني، وحسناً فعل أيضاً عندما دعا هذه الحكومة إلى الاستقالة لأنها لم تعد تمثل الشعب وان كانت ما زال تحظى بثقة نيابية بل تحوّلت إلى عدوة له، نتيجة كل هذه الممارسات والإجراءات التي اتخذتها ضده، سواء من خلال الموازنة العامة أو من خلال ممارساتها على أرض الواقع. وكان من المفروض على رئيس هذه الحكومة ان يُبادر بعد كل الذي سمعه في مجلس النواب من انتقاد للموازنة، جاهر به نواب الكتل الممثلة في حكومته قبل نواب المعارضة إلى التضامن مع المعترضين والمنتقدين وتقديم استقالته من الحكومة وبذلك يكون قد سجل، ولو لمرة واحدة، انه أخطأ ويتحمّل مسؤولية خطأه، غير ان حصول مثل هذا الأمر لا يبدو انه وارد حتى عند الذين اعترضوا على الموازنة وهم ممثلون في هذه الحكومة، والبديل عنه في نظرهم هو التمسك بالتسوية حتى ولو أدّت إلى خراب البلد، وهي أي التسوية استولدت هكذا موازنة تؤمن فيها الواردات من جيوب المواطنين اللاهثين ليل نهار لتأمين لقمة عيشهم.