Site icon IMLebanon

الحكومة ترتاح وبري ينشط للقاء حواري يحتوي الأزمة الكل سجّل انتصاره والملفات العالقة والمراسيم سلكت طريقها

ترك إعلان رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون تأجيل التحرك الشعبي لأسبوع وليس لساعات إنطباعاً بأن التسوية التي أنقذت الحكومة أمس من التعطيل سلكت طريقها نحو مزيد من التسويات، وأن التحرك الشعبي المقرر اليوم لحملة “طلعت ريحتكم” و”بدنا نحاسب” قد ينحصر في التعبير الشعبي بعيداً عن “المندسين”، علما أن مثل هذا الانطباع لا يزال يشكل تحديا ويطرح علامات استفهام إذا كان هذا الامر يدخل فعلا ضمن مفاعيل التسوية.

لا يختلف إثنان في معرض قراءة حسابات الربح والخسارة لنتائج المعركة الحكومية الأخيرة التي خاضها رئيس الحكومة تمام سلام في وجه إعتراضات العماد عون، على أن النتيجة جاءت لمصلحة الاثنين على السواء، وأن الجميع كان رابحاً في معركة الدفاع عن الصلاحيات، وعن آلية العمل الحكومية.

فرئيس الحكومة الذي رفض المس بصلاحيات الرئاسة الثالثة لجهة الدعوة الى مجلس وزراء منتج ووضع جدول اعمال ومناقشته وإقراره، نجح رغم الضغوط التي تعرض لها بهدف هز حكومته (وليس إسقاطها)، في تنفيذ وعده بعقد جلسة منتجة وبإقرار الملفات الملحة والضاغطة. ولم يتراجع عن عقد الجلسة رغم إبلاغه بمقاطعة وزراء عون و”حزب الله” لها. واقرت الجلسة البنود الملحة. فسلكت الاعتمادات طريقها الى وزارة المال لدفع الرواتب والأجور وإطعام الجيش، كما نفدت الهبات الدولية من خطر الالغاء او الشطب، وصار في إمكان وزارة المال إصدار سندات اوروبوند وإجراء عمليات الاستبدال التي تحتاج اليها بالغطاء القانوني المطلوب.

في المقابل، نجح عون في تنفيذ تهديده بعدم البحث في مجلس الوزراء في أي بند قبل بت آلية العمل الحكومي. فامتنع، وإلى جانبه الوزراء من قوى 8 آذار، عن حضور الجلسة.

اما حضور وزراء “أمل” فكان ضمن سيناريو التسوية الذي يضمن “ميثاقية” الجلسة وعدم غياب مكون طائفي أساسي عنها!

وساعد هذا السيناريو على إيجاد المخرج لأزمة المراسيم الموقعة من 18 وزيرا، عبر اعتماد آلية تقضي بأن كل مرسوم لا يقر في مجلس الوزراء ويحتاج الى توقيع رئيس الجمهورية إلى جانب تواقيع الوزراء المختصين، يوقعه 24 وزيرا، وعادة لا تتسم مثل هذه المراسيم بطابع الاهمية، باعتبار أن الامور الاساسية تحتاج الى قرار من مجلس الوزراء. وفي هذه الحال، فإن المراسيم التي تعرض على مجلس الوزراء تقر وفق الدستور، إما بأكثرية الثلثين وإما بالنصف زائد واحد. وهذه الحال لا تستدعي تواقيع الوزراء بالوكالة عن رئيس الجمهورية على قاعدة أن الوكيل لا يتمتع بكل صلاحيات الاصيل. اما المراسيم التي يمضي عليها اكثر من اسبوعين من دون ان يردها الوزراء المعترضون بوكالتهم عن رئيس الجمهورية فتحال على النشر.

في المقابل، لن يكون على وزراء عون والحزب التحفظ او ابداء الاعتراض بما انهم لم يحضروا الجلسة الاخيرة للحكومة، ويُترك لهم ان يقرروا اذا كانوا سيوقعون او لا القرارات التي اتخذت في الجلسة بغالبية 18 وزيرا كانوا حاضرين.

اما ثمن هذه التسوية، فيقضي بأن ترتاح الحكومة لفترة من الوقت قبل أن تستأنف جلساتها. وهي المدة الكفيلة بتهدئة الاجواء وترطيبها، خصوصاً ان جميع القوى السياسية محكومة بالحكومة الائتلافية وبسقف الاستقرار الداخلي حتى نضوج التفاهم الاقليمي. اما في الانتظار، فالقوى السياسية مدعوة الى التعايش مع المساكنة القسرية وتسوية الاوضاع الداخلية حفاظاً على الحد الأدنى من مظاهر الحياة الدستورية، ولا سيما بعدما فضح التعامل السياسي مع ملف النفايات كل الاطراف، وأبرز تقدم المصالح الشخصية والحسابات الخاصة على حساب المصلحة العامة. وانطلاقاً من إلحاح سلام على ضرورة تحييد مجلس الوزراء عن الخلافات السياسية ودعوته مختلف القوى الى معالجتها على طاولة الحوار وترك مجلس الوزراء لتسيير شؤون الدولة والناس، فإن هذه الدعوة قد تكون لاقت صداها عند رئيس المجلس نبيه بري الذي تلقفها، وهو يقود حالياً سلسلة مشاورات تمهيداً لدعوة القيادات الى لقاء حواري. ولا تزال هذه المشاورات في بداياتها لتلمس مدى تجاوب الاطراف السياسية مع الدعوة، خصوصاً أن ثمة محاذير تثير هواجس بعض القوى ولا بد من طمأنتها حيالها.

فهل هذه المحاذير في محلها؟