IMLebanon

الحكومة باقية بقوة الأمر الواقع.. رغم استقالة وزراء؟!

 

بعد استقالة وزير العدل اشرف ريفي من الحكومة، ها هو حزب «الكتائب« يحذو حذو الوزير المستقيل باعلان استقالة الوزيرين سجعان قزي وآلان حكيم، بقرار حزبي حظي بغالبية أصوات المكتب السياسي..

الاستقالة لم تفاجىء كثيرين، وقد مهّد لها رئيس الكتائب النائب سامي الجميل منذ فترة، وقد خرج الوزيران من جلسة الحكومة السابقة احتجاجاً على طريقة التعاطي مع بعض الملفات، ومنها »النفايات« في بيروت.. وعلى طريقته وجد الجميل ان »لا مبرر لنا للبقاء في الحكومة التي تحولت من رمز استمرارية الدولة، الى رمز هريان ما تبقى من دولة..« وإذ يعدد الجميل الانجازات التي حققها الحزب داخل الحكومة فإنه في المقابل شعر بأنهم يحاولون تدجيننا ووضعنا في علبة ولكن لا أحد يقدر.. فنحن لا نروض لا في الحكومة ولا خارجها..« لافتاً الى ان »المعركة مستمرة ليس فقط على اداء الحكومة، إنما على أداء طبقة سياسية فشلت وامتهنت وضع مصلحتها قبل مصلحة البلد..«.

الواضح الى الآن، ان »الكتائب«، الذي يعيش أجواء الانتخابات البلدية وما أسفرت عنه من نتائج، يتجه الى استكمال الخرق في البيئة الشعبية التي يستند اليها، وتحديداً المارونية، التي تتوزع بين مجموعة أحزاب وكتل وتيارات،  من أبرزها »التيار الوطني الحر« و»القوات اللبنانية«.. متجاوزاً حدود الممكن، في ظل ظروف وأوضاع استثنائية غير صحية وغير معافاة، والجميع يشكو منها، وفي مقدمة الشاكين رئيس الحكومة تمام سلام..

من يتابع ما يقوله عدد غير قليل من الوزراء، يدرك ان »القرف والتعب« أصاب الجميع.. الذين باتوا لا يكتمون انزعاجهم الكبير جداً وعدم اطمئنانهم الى المستقبل.. على ما قال وزير الاتصالات بطرس حرب إثر لقائه الرئيس سلام، حيث »الشعور بأننا أسرى في سجن السلطة لأنه لا يوجد رئيس للجمهورية ليفتح باب السجن..«؟!

ليس من شك في ان استقالة الوزيرين قزي وحكيم، ليست كاستقالة الوزير ريفي.. وقد أثارت لدى الرأي العام جملة أسئلة وتساؤلات حول الدوافع الحقيقية،  وهل هي ناجمة فعلاً عن عدم رضى على اداء الحكومة وشعور الحزب بأنه يعيش غربة داخلها؟! أم ان المسألة أبعد من ذلك؟! وهل التوقيت مناسب ومؤات، في ظل الظروف الصعبة الأخيرة والمستجدة التي يمر بها لبنان، وتمثلت بالتفجير الذي استهدف مبنى »بلوم بنك« غروب الاحد الماضي، والتحذيرات الدولية، غير المسبوقة لرعاياها بوجوب تجنب بعض الأحياء والشوارع في العاصمة بيروت؟!

منذ وقت غير بعيد، أفصح »الكتائب« عن عدم رضاه على اداء الحكومة، لاسيما في الملفات التي يشعر فيها الحزب أنها لا تعود بالفائدة عليه، بل على منافسيه في الشارع المسيحي.. وقد كانت داخل »البيت المركزي« حوارات ونقاشات، حسمها الجميل، الذي شعر ان »الاستقالة ضمن هذه الأجواء، توفر للحزب حضانة شعبية مريحة، خصوصاً ان الجميع باتوا على قناعة من ان الدولة، من دون رئيس للجمهورية، هي دولة بالاعارة وتصريف الأمور بالقطعة..«. والملف الذي يحتاج الى نصف ساعة يستهلك ثلاث جلسات ويبقى من دون حسم، على ما يقول الرئيس سلام.. الذي وصّف حكومته بأنها »أفشل حكومة مرت على هذا البلد..«؟!

السؤال الى أين ستقود استقالة الوزيرين الكتائبيين؟

من الصعوبة بمكان تصور سيناريو معين لمرحلة ما بعد استقالة الوزيرين قزي وحكيم.. فالحكومة، باعتراف الجميع باقية، ولا خوف على «الميثاقية»، واستقالتها مستحيلة لاعتبارات جوهرية من بينها الشغور المتمادي في سدة الرئاسة الأولى.. والأكيد، ان أحداً من الوزراء، الذين لم يقدموا استقالتهم، لن يتضامن مع وزيري الكتائب في خطوة الاستقالة.. فالحكومة باقية بقرار دولي – اقليمي – عربي وداخلي نافذ وفاعل.. هذا مع الاشارة الى ان الاستقالة لن تمر مرور الكرام وكأنها لم تكن، وستكون لها تداعيات تبقى مضبوطة تحت سقف محدد، ولن يهتز «الستاتيكو الوزاري..»؟! بانتظار الفرج الرئاسي..

في مطلق الأحوال، فإن حزب «الكتائب» سيبني على هذه الاستقالة، وهو يعتقد جازماً، بأنها ستوفر له مناخات تزيد من شعبيته، في الشارع المسيحي الذي يتعرض لتجاذبات ليست بريئة وليست سهلة، من «التيار الحر» ومن «القوات» ومن «الكتائب» خصوصاً وان الأخير يعتبر نفسه «أم الصبي» وأنه «الأصيل الوحيد» بين سائر الآخرين.. الأمر الذي قد يؤدي الى اشتداد المنافسات مع سائر الآخرين.. هذا، في حين يرى البعض، ان خروج «الكتائب» من الحكومة سيعطي الوزراء المسيحيين الباقين ورقة إضافية لتعزيز دورهم في اصدار القرارات.. و»كل واحد فاتح على حسابه» شأنه في ذلك شأن سائر الوزراء؟!

بالطبع، لن يطلب أحد من رئيس الحكومة، او من نائب رئيس الحكومة مواجهة هذه «الصحوة المتأخرة..» لكن لا ضمانات، بأن سائر الوزراء سيعتمدون سياسة الصمت والملفات العالقة، المتنقلة من أسبوع الى اسبوع كافية لتشكل جرس انذار لحكومة تتعرض الى مزيد من الاهتزازات والتحديات، وعلى أكثر من مستوى.. وخارج قدرتها على «الصمود والتصدي».. خصوصاً وأن الجميع على دراية كافية وافية، ان الاستقالة لن تقدم ولن تؤخر، وتكون لها ما يشتهيه البعض..