IMLebanon

يسعد صباحكم بالخير، وبالحكومة الإنقاذية المنتظرة

 

 

في مواجهة التوقعات الوفيرة والمتسارعة، تطفو أحاديث مستجدة، تهدّد الوطن والمواطنين، بإستقالات جماعية من المجلس النيابي، متخذة تشكيلات متناقضة في مواقعها وتوجهاتها السياسية، وأهمها إحتمالان يهدّد كل منهما جموع اللبنانيين بالتخلّي عن المقاعد النيابية، وعن مسؤولياتها وهول المستقبل المنظور الذي يتوقعه كل منهما متضمنا غوصا في أعماق جهنّم، وفي خراب البلاد وفشلها كدولة بكلّ مؤسساتها التي باتت تتهاوى إلى درجة الإنحلال والزوال، وتحوُّل اللبنانيين بغالبيتهم الكاسحة، إلى جموع تلتهمها البطالة والجوع والإفتقار المستفحل لكل مستلزمات الحياة الطبيعية والمتمثلة بالغذاء والدواء والكهرباء والإستشفاء والتعليم بكافة مراحله، بدءا من المرحلة الإبتدائية وصولا إلى أعلى مراتب التعليم الجامعي، دون أن ننسى طوابير الإذلال التي يعاني المواطنون من استفحالها أمام محطات البنزين، وتوقعات طوابير مماثلة أمام الصيدليات والأفران ومعظم أماكن العيش الكريم.

الإحتمال الأول: تهديد بات يصل إلينا من خلال الإعلام الواضح الفاضح، شاملا نواب التيار الوطني الحر، ونواب القوات اللبنانية: كلاهما ولأسباب يعدّدها كل منهما، تتلاقى في بعض النقاط وتتناقض في بعضها الآخر. ويتمركز كل منها في توجهات حزبية ترى في الفريق الآخر خائنا لإتفاقات معراب ولتقاسم المواقع والحصص العائدة للصف المسيحي، وتوجهات سياسية محددة، عينها على الإنتخابات النيابية والرئاسية المقبلة مع مطالب قواتية أطلّت إلى الوجود منذ بداية الإشكالية الناتجة عن تأليف الحكومة الجديدة، مع امتناعٍ قواتي عن الدخول في صلبها وفي تفاصيلها، ومع تشبث بالمحافظة على القانون الإنتخابي الحالي القائم بكل ثغراته وعلله وتوجهاته الطائفية والمذهبية، إعتبارا من القوات، أنّ هذه الوضعية قد تحقق لها مزيدا من التقدم والإنتصارات الإنتخابية في الأجواء المسيحية. أما التيار الوطني الحر، فهو يشحذ الهمم منذ الآن لاستقالة نوابه من المجلس، تندمج في استهدافاتها مع مواقع العهد وخروجه عن موقع الحيادية المطلوبة للموقع الرئاسي، والمتشبثة بالإستمرار في عملية الإطباق شبه الكامل على مواقع السلطة والتقيد بالقيود الدستورية والميثاقية والقانونية، مع تطلعات تقليدية في سياسات وتصرفات العهد، ذات طابع إنقلابي، عرف عنه منذ تسلمه السلطة في نهاية عهد الرئيس أمين الجميل.

كيف تتلاقى القوتان المسيحيتان المذكورتان في مسالك تحقيق هذا الهدف المستغرب، والمشتمل في مضامينه على تحقيق غاية مفترضة تنحو في بعض أهدافها إلى إحداث اهتزاز ميثاقي يجرّ إلى اهتزازات مماثلة لدى غالبية الفريق الإسلامي المتمثل خاصة بحركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي، مشيرين إلى تلميحات عديدة باتت تُسمع في بعض أجواء هذا الفريق، حيث باتت بعض أوساطها تلمّح إلى أنه في حال فشل التشكيل الحكومي نتيجة التباس في تحقيق صيغة توافقية ما تنقذ لبنان واللبنانيين من هول ما ينتظرهم من أهوال وكوارث سيصعب النهوض من جهنّمها الحارقة بأية طريق ومسالك داخلية وخارجية عجزت الجهود والمساعي عن فرضها حتى الآن على الواقع شديد الإهتزاز والخطورة الذي يزيده مرور الأيام واستفحال المواقف العنترية والعشوائية، حدة واشتدادا.

ندوّن في هذا المجال، ملاحظة إستغرابية تتناول مقارنة حاصلة ما بين تموقع القوات اللبنانية التي كان لها حيثية ودور وطني شامل في مرحلة سابقة، حيث كانت القوات فيها جزءا لا يتجزأ من فريق الرابع عشر من آذار، ملتزمة بشموليته الوطنية الخالصة والرافضة للتوجهات المحض طائفية، وكان فخرا لهذا الفريق، وحدة متأصلة ما بين أطرافه، كان لها دورها الهامّ في الإبقاء على سلامة أوضاعه التي ما لبثت أن دخلتها توجهات إقليمية وإرتباطات بانتماءات فئوية وطائفية، تمترست باتفاقية كنيسة مار مخايل، وجرّت إلهيا فريقا مسيحيا إتخذت به درعا واقيا أخفى عنها حقيقة انتماءاتها وتوجهاتها.  وندون في هذا المجال كذلك إستمرارية التوافق والتفاهم ما بين أطراف مقابلة متمثلة بتيار المستقبل وحركة أمل والتقدمي الإشتراكي، رغم ما يطاول هذا الفريق الذي أخذ على عاتقه إعتماد مباديء المبادرة الفرنسية لإنهاض البلاد من كبواتها القائمة، من بعض الإختلافات والتناقضات التي تظهر من حين إلى حين بين أفرقائها، متسائلين عن هذا السر الغريب الذي ما زال يحول حتى الآن دون تشكيل هذه الحكومة العتيدة التي تجمع الأوساط الداخلية والمحلية على وجوب إيجادها السريع على ساحة الأحداث تداركا لكوارث متوقعة، لأن أية حلول مرتقبة لن تتحقق إلاّ من خلال قراراتها الإصلاحية المرتقبة محليا ودوليا.

وبعد، تبقى في الأفق، كوّة مأمولة قد يدخل منها بعض النور والأمل من خلال مبادرة الرئيس برّي المتأرجحة وسط العواصف حتى الآن للوصول بها وبالبلاد إلى شاطيء الأمان، وقانا الله من انشقاقات ومؤامرات الداخل، ومن ارتباطات البعض الإقليمية، ومن زهقِ الخارج منّا ومن عنترياتنا الفارغة، ومن شظايا الأذى البالغ الذي تلحقه بالبلاد وبالعباد، آنذاك فقط يمكننا جميعا أن نغرّد مع الرئيس الحريري قائلين: يسعد صباحكم بالخير: كيفكم اليوم.