الدول الخليجية الأربع على تشددها حتى تلمس تحرُّر القرار من هيمنة «حزب الله»
إزاء التشدد الذي أظهرته الدول الخليجية بما يتصل بالعلاقات المتوترة مع لبنان، مقابل رفض «حزب الله» أي بحث في استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، بعد الزلزال المدوي الذي أحدثه كلامه عن المملكة العربية السعودية، ودفاعه عن جماعة «الحوثي». فإن كل المؤشرات توحي بأن الأزمة آخذة بالتصعيد أكثر فأكثر، وبالتالي يبدو الأفق مسدوداً أمام إحداث أي خرق في الجدار، والتي زادها تعقيداً، تسريب تسجيل صوتي جديد لوزير الخارجية عبدالله بوحبيب ينتقد المملكة العربية السعودية، بانتظار تحرك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لنزع فتيل التوتر، ومن أجل تحديد مسار الخروج من هذه الأزمة، في ظل حديث عن توجه الميقاتي، لدعوة الحكومة للانعقاد بهدف دراسة السبل الآيلة لإيجاد حل للمأزق الحالي مع الدول الخليجية الذي تسببت به تصريحات وزير الإعلام.
وفيما يتوقع أن يباشر الرئيس ميقاتي، اليوم، سلسلة لقاءات يبدأها برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، فإن هناك صعوبات تحول دون التئام مجلس الوزراء، بسبب الشروط التي وضعها «حزب الله» الذي يرفض أي توجه للطلب من القرداحي الاستقالة، كما أنه لن يسمح بإقالته، مهما كانت المبررات، تحت وطأة إطاحة الحكومة برمتها، وهو أمر قد يأتي من جانب الرئيس ميقاتي إذا وجد أن الأبواب باتت موصدة أمامه، وبعدما ضاقت خياراته أكثر من أي وقت مضى. وإن كانت مصادر وزارية تستبعد عبر «اللواء»، أن يبادر الرئيس ميقاتي إلى تقديم استقالته، في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها البلد، بعدما تلقى نصائح أميركية وأوروبية بعدم الإقدام على هذه الخطوة، بانتظار نتائج الاتصالات الإقليمية والدولية الجارية، لتهدئة الغضب الخليجي.
وفيما تنتظر بيروت وصول وزير الخارجية القطرية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في إطار المساعي التي تقوم بها بلاده لرأب الصدع في علاقات لبنان مع الدول الخليجية الأربع، فإن المعلومات المتوافرة ل»اللواء»، تشير إلى أن الدول الخليجية الأربع مستمرة في تشددها، حتى تلمس فعلاً تحرر القرار اللبناني من هيمنة «حزب الله»، باعتبار أن قضية الوزير القرداحي، كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. وبالتالي فإن لا أمل من الوساطة القطرية، ما يفرض على لبنان المبادرة إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات لطمأنه دول مجلس التعاون، وتقديم الدليل على أن القرار الداخلي هو ملك الدولة اللبنانية وحدها، وليس «حزب الله» أو غيره.
الأزمة مع الخليج تفرض تحركاً لبنانياً عاجلاً لتسوية الوضع قبل انهيار الهيكل على رؤوس الجميع
وتخشى أوساط سياسية من انعكاسات بالغة السلبية على الأوضاع في لبنان، في حال استقالت الحكومة، وتحديداً على الصعيد الاقتصادي، وما يتصل بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بعدما سبق لمديرته العامة كريستالينا جورجييفا أن أبلغت الرئيس ميقاتي، إن صندوق النقد الدولي عازم على مساعدة لبنان للنهوض من أزمته الحالية، وخطة التعاون التي يجري العمل عليها تشكل فرصة يجب إنجاحها من كل المعنيين لأنها باب الحل الوحيد المتاح»، مع ما لأي استقالة حكومية من تداعيات على استيراد الغاز والكهرباء من مصر والأردن، بعدما أكد وزير الطاقة والمياه، وليد فياض، إن لبنان وصل إلى المرحلة النهائية لتنفيذ مشروع توريد الكهرباء والغاز من مصر والأردن للبنان، عن طريق سوريا. وبإشارته إلى أن الإدارة الأميركية أعطت رسائل طمأنة للجانب المصري والأردني، بأن العقود التجارية لتوريد الغاز والكهرباء للبنان لا تشوبها أي أزمة، ولن تتأثر بقانون «قيصر» للعقوبات الأميركي الموقع على سوريا.
والأخطر، أن الوزير فياض، لفت إلى أن الأزمة بين لبنان والدول الخليجية، لها تأثير كبير وواضح على لبنان، وهذا يفرض برأي الأوساط السياسية. تحركاً لبنانياً عاجلاً من أجل تسوية الوضع قبل انهيار الهيكل على رؤوس الجميع. وعلى أهمية الاتصالات الإقليمية والدولية لمعالجة الأزمة، إلا أن الحل لا يمكن إلا أن يكون من خلال مبادرة لبنانية، تعيد الأمور إلى طبيعتها، وبالتأكيد لا يمكن إلا أن تكون باستقالة الوزير قرداحي، أو إقالته، لأن مصلحة لبنان يحب أن تتقدم أي اعتبار آخر.