Site icon IMLebanon

حكومة أحجام وانتصارات في مأزق مزدوج

 

 

معركة الحكومة تبدو أكبر من الحكومة، وسط تيسير التكليف وتعسير التأليف. أقل ما وراء التعثر هو ادارة اللعبة بحسابات هواة صغار ومحترفين كبار. وأخطر ما في المشهد هو اللعب السياسي على حافة هاوية اقتصادية، لا أحد يعرف الى متى يستمر. لكن كثيرين يتصورون ان معالجة هموم الناس الاقتصادية للحؤول دون وقوع البلد في الهاوية قبل الحديث عن الانتعاش هي آخر هموم اللاعبين أو اهتماماتهم. فما يطلبه اللبنانيون الضعفاء والمستضعفون من الأقوياء وما طلبه المجتمع الدولي في مؤتمر سيدر لمساعدتنا هو حكومة تفتح ورشة اصلاحات بنيوية في الهيكل الاقتصادي والسياسات المالية. وما تدور عليه المعركة هو المواقع داخل الحكومة ولو بقيت على حافة الهاوية.

وليس من الصعب، حين تتوافر الارادة السياسية والوطنية، ايجاد حلول للعقد الظاهرة والمعلنة، وهي حقيقية وان رافقها شيء من سياسة البازار. لكن المؤكد، أو المرجح، هو ان هناك عقدة أكبر وراء هذه العقد. ولا فرق، سواء كانت داخلية أو خارجية لأن التداخل واسع وعميق بين ما هو محلي وما هو اقليمي ودولي. وأهلا بالجميع في أسطورة النأي بالنفس عن صراعات المحاور التي نذهب اليها ونشارك فيها ان لم تأتِ إلينا وتشارك في ادارة شؤوننا.

 

ذلك اننا نتحدث عن حكومة وحدة وطنية، حيث لا وحدة وطنية. ونتبارى في الدعوة الى البعد من المحاصصة، حيث لا مفر من المحاصصة الطائفية والمذهبية والحزبية. وندخل في تجربة جديدة طوي الحديث عنها منذ الطائف واناطة السلطة بمجلس الوزراء بدل رئيس الجمهورية هي تركيب حكومة العهد. وكل ذلك وسط المبارزة بالاحجام والاوزان والاندفاع في حساب الارباح والانتصارات، من دون الاعتراف بانها في سفينة تضربها عواصف قوية، واننا في مأزق خارجي وداخلي.

المأزق الخارجي مغطى بالشعارات، لكن من الصعب على اية قوة اقليمية ضمان موقع الرابح على خارطة الصراع الجيوسياسي، الا اذا كانت تدمن خداع النفس وسوء القراءة في اللعبة التي يديرها الكبار بمزيج من الخلاف والاتفاق. وأبسط ما يكشف المأزق الداخلي هو السجالات اللاسياسية بين القبائل السياسية اللبنانية، وهي سجالات متجولة متنقلة بين القبائل. لا يلغي الارتياح الى وقفها خطورة الواقع الذي تعبر عنه: واقع حرب اهلية باردة تهب على الطلب وتهدأ على الطلب، وتدور بين وزراء ونواب ومحازبين يتنقلون بكبسة زر من قمة التآخي الى قمة العداء والتشائم وبالعكس.

وليس قدر لبنان ان تغوص الثقافة، وتطفو على السطح التفاهة والسخافة، ويدفع ثمن تفاهة الشر حسب تعبير حنة أرنت.