المواجهة مع «العوني» المصرّ على انتزاع الحصة المسيحية
في الوقت الذي يباشر، اليوم، رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الاستشارات النيابية غير الملزمة مع الكتل النيابية، بعد تسميته من قبل 65 نائباً في الاستشارات الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال عون، أمس، فإن هناك شبه إجماع على أن مهمته لن تكون سهلة على الإطلاق، بعد المواقف التصعيدية التي أطلقها الرئيس عون ضده قبل تكليفه، في مؤشر بالغ الدلالات بأن هناك من يتربص به في عملية التأليف، للانقضاض عليه وإمطاره بالشروط والمطالب، في رد واضح على تسميته خلافاً لرغبة معظم الكتل النيابية التي امتنعت. وهذا دون شك سيضع الرئيس الحريري في وضع لا يحسد عليه، باعتبار أن مفاوضات التأليف ستواجه صعوبات لا يمكن الاستهانة بها، إذا ما أصرت الأطراف السياسية على مطالبها، في وقت أعلن الرئيس المكلف أنه يريد تشكيل اختصاصيين من غير الحزبيين، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن موقف هذه الأطراف في حال أصرت على تمثيلها في الحكومة الجديدة.
وتعتبر مصادر معارضة بارزة، أن تأكيد الرئيس الحريري على تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبية، إنما أراد من خلاله توجيه رسالة إلى كل القوى السياسية الحزبية أنها لن تكون ممثلة في حكومته، وهو أمر حاسم ونهائي عند الرئيس المكلف، بعدما تأكد له فشل خيار الحكومات السياسية لأنها كانت تعبيراً عن محاصصة سياسية فاقعة تركت تداعيات بالغة السلبية على البلد في كافة المجالات. ولذلك فإن الرئيس المكلف وكما تقول المصادر سيشكل حكومته من أشخاص لا ينتمون إلى الأحزاب، وإنما من أصحاب الاختصاص المشهود لهم بالكفاءة والإنتاجية. لكن في المقابل فإنه لا يبدو من خلال المواقف المعلنة، أن «الثنائي» و«التيار الوطني الحر»، مستعدان للتنازل عن شروطهما، حيث تشير المعلومات إلى أن هناك إصراراً من قبلهما على تسمية وزرائهما. في حين علم أن التيار «العوني» يريد الحصول على كافة الحصة الوزارية المسيحية، إذا ما تمسكت حركة «أمل» بالحصول على وزارة المال وأصر «حزب الله» على تسمية وزرائه.
وفيما أكد «الحزب التقدمي الاشتراكي»، أنه لن يمثل بشخصيات حزبية في الحكومة، فقد علم أن الاتجاه يميل إلى تمثيل النائب السابق وليد جنبلاط باسمين غير حزبيين، لكنهما من أهل الاختصاص والناجحين في مجال عملهما، فإن المعلومات المتوافرة ل»اللواء، تشير إلى أن المواجهة الصعبة التي سيخوضها الرئيس المكلف في عملية التأليف، ستكون متصلة بالحصة الوزارية المسيحية، خاصة وأن النائب باسيل والداعمين له لن يتساهلوا في هذا الجانب، بعدما بعث الرئيس عون برسالة واضحة للحريري حتى قبل تكليفه، بأنه لن يوقع على أي تشكيلة إذا لم يكن مقتنعاً بها، وهو ما فسرته أوساط سياسية، بأنه تأكيد على حتمية أن يكون النائب باسيل راضياً عنها، لناحية أسماء ونوعية الحقائب التي ستكون من حصة الجانب المسيحي.
وفيما تشددفي المقابل، أوساط نيابية في تيار «المستقبل»، على أن وضع البلد المأساوي لا يتحمل أي شد حبال في عملية التأليف، وبالتالي فإن كل الفرقاء الذين وعدوا بتسهيل مهمة الرئيس المكلف أن يترجموا هذا الوعد على أرض الواقع، وأن يبادروا إلى عدم وضع أي شروط أمام الرئيس الحريري، لم تبد مصادر قيادية في حزب «القوات اللبنانية» تفاؤلاً بإمكانية الخروج من هذا المأزق، في ظل استمرار تمسك الثلاثي الحاكم بالسلطة، وهذا الأمر سيشكل عقبة كأداء أمام ولادة أي حكومة قوية وقادرة على الحصول على ثقة اللبنانيين والعالم الخارجي، ما سيبقي الوضع على حاله من السوء على مختلف المجالات.
وقد توقفت الأوساط السياسية أمام تغريدات ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان، يان كوبيتش الذي دعا اللبنانيين إلى عدم المراهنة على الخارج، باعتبار أن الإنقاذ كما قال ينبع من لبنان وبواسطة لبنان، وهذا يشكل رسالة دولية، على أن أحداً لن يتدخل لمساعدة اللبنانيين إذا لم يساعدوا أنفسهم، من خلال تشكيل حكومة موثوقة والمبادرة إلى القيام بخطوات إصلاحية جدية، تنقذ البلد من الانهيار وتعيد الحياة إلى شرايين المؤسسات.