Site icon IMLebanon

بري والراعي يلتقيان على حكومة اختصاصيين لا ثلث معطلاً فيها لأي فريق

 

الصبر الفرنسي على تلكؤ القوى السياسية عن التأليف شارف على النفاد

 

مَن يقرأ ما بين سطور تصريح وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان، وما تضمنه من تحذيرات في ضوء اتصالات أجراها مع كبار المسؤولين اللبنانيين، يجد بأن الصبر الفرنسي حيال الوضع القائم في لبنان قد شارف على النفاد، وأن قصر الإليزيه بات يفكر جدياً بالانتقال من خطة (أ) التي اعتمد فيها الدبلوماسية والنصح والتحذير إلى خطة (ب) التي سيذهب فيها إلى الحد الأقصى من التحذيرات التي تصل إلى حد فرض عقوبات أوروبية على من يعتبرهم يقفون حجر عثرة أمام تأليف الحكومة وتجيب لبنان الانزلاق إلى المجهول.

 

لقد كان رأس الدبلوماسية الفرنسية شفافاً إلى أبعد الحدود خلال تواصله مع المسؤولين اللبنانيين لجهة إعطاء الفرصة الأخيرة لهم لوضع مسار تأليف الحكومة على السكة الصحيحة، منعاً لتفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية والاجتماعية التي بلغت أعلى منسوب لها، وباتت تهدد حياة غالبية الشعب اللبناني، وهو أعرب لهم عن امتعاضه الشديد لوصول العلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف إلى هذا الحد من التأزم، لذا أمل خلال اتصاله برئيس مجلس النواب نبيه بري، وفق مصادر مطلعة، أن يلعب دوراً ما لإخراج هذا الاستحقاق من النفق القابع فيه منذ أشهر عدة، وهو لم يخفِ التوجه الفرنسي باتجاه ممارسة أعلى درجات الضغوط على المسؤولين اللبنانيين لحملهم على تأليف حكومة قادرة على القيام بتنفيذ رزمة الإصلاحات المطلوبة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي وحمله على تقديم المساعدات لإخراج لبنان من أزماته.

 

وفي تقدير المصادر أن قابل الأيام سيشهد تصعيداً فرنسياً لم يعتد عليه أهل الحكم في لبنان، وأن هذا التصعيد سيرتفع منسوبه يومياً في حال استمرار تعطيل التأليف، ذلك أن الفرنسيين الذين بادروا في اتجاه لبنان لمساعدته على الخروج من أزمته، لن يدعوا لبنان يغرق أكثر فأكثر نتيجة النكد السياسي الذي يحول دون التفاهم على تأليف الحكومة الذي تعتبره باريس غير مبرر وربما يكون متعمداً.

 

عين التينة تميل إلى فكرة الـ24 وزيراً للخروج من المأزق السياسي

 

وتستغرب المصادر كيف أن المسؤولين في لبنان يتعاطون بشيء من اللامبالاة مع الاندفاعة الفرنسية تجاه بلدهم لمساعدتهم على الخروج من المأزق، في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بمشاكله غير آبه بما يعانيه لبنان من مشاكل سياسية واقتصادية، لا بل إن غالبية الدول التي كانت تعنى بموضوع لبنان تفرض شروطاً لمد يد العون لهذا البلد، وهذه الشروط باتت معروفة للقريب والبعيد والتي تقوم على ركيزة الإصلاحات التي من خلالها تعود الثقة الدولية بلبنان، وتبدأ رحلة محاربة الفساد ووقف الهدر الذي أصاب الخزينة بالعجز.

 

وفي هذا الصدد، فإن المصادر المتابعة تدعو إلى التوقف ملياً أمام ما قاله الرئيس نبيه بري وما أبداه من مخاوف خلال الجلسة التشريعية في الأونيسكو، وهي ترى أن رئيس المجلس ما كان ليتحدث بهذا الوضوح عن خوفه من انزلاق لبنان إلى المجهول، لو لم تكن لديه معلومات ومعطيات من ان استمرار تعطيل تأليف الحكومة سيضع لبنان في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي وتحديداً مع الاتحاد الأوروبي الذي لطالما تحذر باريس باسمه من أن استمرار الوضع على هذا الحال سيدفع الأوروبيين مكرهين لاتخاذ إجراءات قاسية من باب الضغط لوقف الانهيار المتمادي في لبنان على كل الصعد نتيجة للإخفاق السياسي في التفاهم على تأليف حكومة قادرة على النهوض بهذا البلد.

 

وفي رأي المصادر أن رئيس المجلس لن يتوانى عن ابتداع الأفكار والطروحات التي تؤدي إلى إزالة العراقيل من أمام التأليف، وهو ينكبّ حالياً على وضع تصور ما لطرحه مع أولياء الأمر علّه يكون المخرج من المأزق الحكومي والذي يقوم على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، مشددة على أن الرئيس بري الذي بادر أكثر من مرة طيلة الأشهر الماضية للوصول إلى تسوية تنهي الجدل القائم حول التأليف، لن ييأس وهو سيعود مجدداً إلى لعب الدور التوافقي الذي طبع حياته السياسية بغية انتشال لبنان من القعر الذي وصل إليه، كون أن الرئيس بري يعي تماماً بأن عامل الوقت لا يصب في صالح لبنان في ضوء تعاظم الصراع الدولي، ولا سيما الصراع الأميركي – الإيراني الذي يؤثر بشكل مباشر على الساحة اللبنانية.

 

ووفق زوار الرئيس بري فإن البحث لا يزال يدور حول الثلث المعطل، وهل هناك ثلث معطل أم لا؟ فإذا أخذ البطريرك الراعي وعداً بأن لا ثلث معطلاً لأي فريق في تأليف الحكومة، ساعتئذ ينتقل البحث إلى المرحلة الثانية وهي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري لتأليف حكومة وفق الدستور والميثاق.

 

وقال هؤلاء أنهم لمسوا وجود تلاقٍ في الموقف بين رئيس المجلس والبطريرك لناحية وجوب تأليف حكومة اختصاصيين لا حزبيين، لا ثلث معطلاً فيها، وأن يكون تشكيلها على أساس الدستور والميثاق من دون أي اجتهادات، مشددين على أن أعداد الوزراء وتوزيع الحقائب لا يتدخل فيهما البطريرك الراعي، في حين أن الرئيس بري ليس بعيداً عن فكرة أن تكون الحكومة مؤلفة من 24 وزيراً، مشيرين إلى أنه رغم الكلام الذي يصدر في الداخل والخارج بضرورة التأليف، فإن البطخة الحكومية لم تستوِ بعد.