“وزير التسريب” ينتفض: هل أصرّح في حرش بيروت؟
حكومة النكايات والفيتوات: نحن لها!
تستمر حكومة النكايات بعروضها الوزارية الخفيفة، غير عابئة بواقع فرض «داعش» و«النصرة» قرارهما السياسي عليها! في جلسات السرايا لم يعد من «ستر مغطّى»، لكن المساكنة مطلوبة حتى إشعار آخر، بإرادة «الداية» الاقليمية.
قيل الكثير في حكومة تناست الصراع «الاسطوري» بين قطبي المواجهة: «تيار المستقبل» و«حزب الله»، وافتعلت خلافا كونيا حول أجير في وزارة أو «فلشة زفت» على طريق نائية…
«جَمْعَة» السرايا صارت عنوانا لنشر الغسيل، ليس بين فريقيّ «8 و14 آذار» وحسب، بل بين ركاب البوسطة الواحدة. كوب النكايات فاض عن حدّه الى درجة إعلان الحرب… على «وزير التسريب» سجعان القزي.
كان دخول الوزير وائل أبو فاعور الى جلسة مجلس الوزراء قبل أيام حامِلا عبوات «مشروب الطاقة» معبّرا عن واقع يجهله البعض.
عمليا، تسمح المداولات العنيفة بين بعض «الزملاء» في الحكومة بالاستنتاج التلقائي أن الوزراء، المكلّفين حاليا بمواجهة الخطر الارهابي، «يكرعون» المشروب السحري قبل دخولهم، لتبدأ جولات المصارعة بإدارة الحَكَم «الغاندي» تمام سلام.
اعتراض الوزراء و«دولته» لا يأتي بسبب الكلام الكبير الذي يقال في الغرفة المقفلة العابقة بتصفية حسابات الزواريب بين أهل السرايا، بل بسبب تجنّد الوزير قزي لتأمين نقل مباشر للجلسات الصاخبة ولجولات التعطيل المتكرّرة، وهو ما يتقنه العديد من الوزراء، إلا أن العين «محْمَرّة» على سجعان قزي.
التسريب من داخل جلسات مجلس الوزراء ليس بالأمر الجديد، لا بل هو من أساس قواعد اللعبة. اللافت هو اعتراف «المتّهم» بفعلته، مع سرد الأسباب الموجبة.
يؤكّد الوزير قزي لـ«السفير» حرصه على التسريب للاعلاميين بقصد وضع الرأي العام في صورة حقيقة ما يجري داخل الحكومة، «انا مشاكس وسلاحي الاعلام».
هذا بالتحديد ما قاد سلام والعديد من الوزراء الى انتقاد قزي أكثر من مرّة، بسبب قوطبته على وزير الاعلام رمزي جريج، بالصعود الى المنبر والتصريح قبل تلاوة الاخير مقرّرات مجلس الوزراء. يوضح قزي «أنا أعرف الأصول والبروتوكول، لكن عندما أريد أن أدلي بتصريح لن أنزل الى حرج بيروت أو المنارة للقيام بذلك!».
يسرد قزي مآخذه على حكومة الصراعات، كما يصفها، قائلا «نحن، كوزراء حزب الكتائب، نشعر أننا تحوّلنا الى شهود زور. فالخلافات الدائمة تؤدّي الى تعطيل النقاش وتجميد جدول الأعمال، ورفع الجلسات قبل انتهائها…»
ويعترف بأن «الرئيس سلام يتحمّل عبئا كبيرا، ويستوعب الجميع من أجل منع الانفجار المحتمل داخل الحكومة، لكن سياسة إرجاء المشاريع هي سياسة فاشلة»، معتبرا ان «هذا الإرجاء يطال أمورا حياتية ومصيرية مهمّة كإقرار مشاريع الهاتف والمياه وشقّ الطرقات وإقرار الموازنات وفتح الاعتمادات والنفايات…»
وكل الأمور تهون عند الأساس. بعد أكثر من ثمانية أشهر على ولادة حكومة تمام سلام لا أحد قادر على القيام بجردة حول إنجازاتها في ملفيّن أساسيين: الحدود والنازحين. وتصبح الكارثة أكبر حين يُضبَط وزراء خارج الحكومة وهمّ يتهكّمون على غطاء سياسي منح لقرار فصل بلدة عرسال عن جرودها، فيما «الممر الآمن» لا يزال متوافرا للارهابيين!
يرى قزي ان سياسة الإرجاء طالت هذين الملفّين، إضافة الى مسألة تحديد موقف لبنان من التحالف الدولي ضد «داعش» والنصرة»، ويعلّق قائلا «لا نملك القرار لبدء مفاوضات مع شركة تنظيفات، ولا التفاوض مع دول أجنبية من أجل ردّ الخطر الإرهابي عن لبنان!».
ويضيف «هناك قضايا أساسية إما لا يتمّ التطرّق اليها أو لا تناقش بالمستوى المطلوب من الجدّية، كقضية النازحين، والمخطوفين، وزيارة قائد الجيش الى واشنطن، والهبة الايرانية، ومصير المليارات الاربعة المقدّمة من السعودية، زيارة رئيس الحكومة الى برلين، نتائج زيارة الموفد الاممي الى سوريا ستيفان دو ميستورا…»
حروب النكايات داخل الحكومة المسحورة بهدوء نسبي بين «المستقبل» و«حزب الله»، و«المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، تنحصر وفق «مرصد» قزي بين وزراء «8 آذار»، وليس وزراء طرفيّ الصراع التقليديين.
حكومة «الفيتوات» المتبادلة لا مثيل لها حتّى في مجلس الأمن الدولي، برأي قزي. «هناك يوجد خمسة فيتوات أما في حكومتنا فيوجد 24 فيتو! تمام سلام يحاول ضبط اللعب، لكنه لا يستطيع قلب الطاولة، كون هذه الحكومة بحاجة الى رئيس حَكم، وليس الى رئيس يستخدم أسلوب الغطرسة في التعامل مع واقع صعب… بكل بساطة هو يحاول تجنّب الانفجار الكبير».
وليس وزير «حزب الكتائب» وحده من يقرّ بأن هذه الحكومة، بغسيلها المنشور فوق سطوح السرايا، مستمرّة بسبب قوّة الفراغ الرئاسي وعدم حصول الانتخابات النيابية، وليس بسبب وحدتها.
الجميع يسلّم بأن مجرد خلع وزراء «المستقبل» و«حزب الله» عدّة القتال خارجا والجلوس وجها لوجه على مقاعد حكومة الضرورة، كان يعني ان كافة المسائل الخلافية الأخرى ستكون تحت السيطرة، مهما بلغت حدّة المواجهة بين المتخاصمين.
يقول قزي «نحن نسير بين الالغام، ولا إرادة اقليمية او داخلية بتفجير الحكومة من الداخل، خصوصا ان أحدا لا يضمن ارتدادات سقوط الدولة لمصلحته».
يصف مجلس الوزراء بأنه عبارة عن «هيئة دستورية، على شكل حكومة، تتولى السلطة التنفيذية في غياب رئيس الجمهورية، وجهدها للحفاظ على استمراريتها يوازي جهدها لتأمين الحدّ الأدنى من المتطلّبات الملحّة».