يعيش لبنان مرحلة ترقّب وانتظار لما سيكون عليه الوضع الحكومي من خلال التآلف والتضامن بين الوزراء، لا سيما على ضوء المواقف التي يطلقها رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، حيث تصب في خانة المعارضة، في وقت يتوقّع أن يكون حزب الكتائب وقوى سياسية وحزبية أخرى ومستقلين أقرب إلى المعارضة من دعم الحكومة، على اعتبار أن ولادتها بالطريقة التي حصلت تركت علامات استفهام عند كثيرين، بمعنى لماذا انتظار تسعة أشهر على مسائل تبيّن أنها تصب في خانة المحاصصة وتقاسم النفوذ في الحكومة والوزارات؟
وفي هذا السياق، تكشف مصادر سياسية متابعة، أن دعم الحكومة من قبل المجتمع الدولي لم تظهر معالمه بعد كما كان متوقعاً، بل هناك قضايا وعناوين تعتبر أولوية لدى عواصم الدول الكبرى، وتتمحور حول الشؤون السورية والعراقية والفلسطينية في ضوء ترتيب ملفات المنطقة، خصوصاً وأن الحرب في سوريا انتهت جزئياً، وحتى الساعة هناك عملية «شدّ حبال» بين موسكو وواشنطن حول دورهما ونفوذهما في بعض المناطق المتنازع عليها من قبلهما، إضافة إلى الوضع على الساحة الفلسطينية، باعتبار أن واشنطن لم تتمكن حتى الآن من جمع الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مفاوضات حول عملية السلام والدولة الفلسطينية الشرعية التي تطالب بها السلطة، لذلك، فإن الهم الدولي محصور في هذه القضايا، بينما هناك إجماع دولي بشأن لبنان على أمنه واستقراره، وسط تطمينات لا زالت سارية المفعول منذ اندلاع الحرب السورية.
وفي هذا السياق تحدثت المصادر عن ملف النزوح السوري الذي يعتبر أولوية لدى المجتمع الدولي، والذي يعتبر أن تحمّل لبنان هذا العدد الكبير من النازحين وأبعد عنهم هذه الأعباء، ومن هنا الحرص على توفير كل المستلزمات المالية والإجتماعية والطبية لهم.
لذلك، فإن الحكومة الجديدة وكما أكدت المصادر نفسها هي أمام معضلتين أساسيتين، أولهما قضية النازحين على خلفية عدم تكرار التجارب السابقة التي أثقلت كاهل لبنان، وخصوصاً اللاجئين الفلسطينيين، وخوفاً على متغيّرات ديموغرافية، وعلى هذا الأساس يأتي التصعيد السياسي بين بعض القوى على هذه الخلفية، وثانيهما الشأن الإقتصادي والإجتماعي، وهذا المعطى كان الدافع الأساسي لتعجيل تشكيل الحكومة خوفاً من الانهيار وخسارة أموال «سيدر1» وتفاقم الحراك المطلبي.
وكشفت المصادر عن صعوبات ظهرت بعد ساعات معدودة على ولادة الحكومة وهي تتمثّل بداية بكيفية تعاطي القوى المعارضة لها مع العمل الوزاري، إضافة إلى الأمور الإقليمية وكيفية التواصل مع سوريا وقيادتها، ليس في موضع النازحين فحسب، بل على المستوى الحكومي بشكل عام، خصوصاً بعد الواقع السوري الراهن من خلال إعادة فتح بعض السفارات العربية في دمشق، وذلك لجهة الموقف المرتقب لرئيس الحكومة سعد الحريري في هذا الإطار.
لذا، ترى المصادر نفسها أن جدول أعمال الحكومة مثقل بالملفات كما بالتساؤلات حول الإستمرار في سياسة النأي بالنفس، أو التعاطي مع هذه القضية من خلال الواقع العربي المستجدّ، وذلك بالاضافة إلى عناوين أخرى تتمحور حول ملف التعيينات الأمنية والإدارية في ظل الإنقسامات السياسية العامودية والصراع الناشئ داخل الطوائف، ولا سيما على الصعيد الدرزي ـ الدرزي على خلفية التصعيد السياسي الحاصل، وحيث علم أن الطرف الدرزي المناهض لجنبلاط، ولا سيما النائب طلال إرسلان مدعوماً من «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، سيطالب بحصة وازنة من هذه التعيينات، وهذا ما يتردّد داخل الوسط الدرزي بعدما أعلن إرسلان حربه على المختارة.