لم يعد السؤال: متى تشكل الحكومة الجديدة في لبنان؟ إنما بات: هل يتوقف الأمر عند الفراغ الحكومي، أو أن لبنان سيدخل، كبلد وكيان، ومعه اللبنانيون جميعاً، في متاهة كبرى؟
بالتأكيد ان عدم قيام حكومة سيضيف الى الأزمة أزمات، والى الانهيار المعروف انهيارات يتعذر تقدير خطورتها على البلاد والعباد!.
فهذه المرة لم تعد ثمة خطوط حمراء يتوقف عندها المقامرون والمغامرون… إذ يبدو أن شعار «علي وعلى أعدائي» بات عنواناً فاقعاً في هذه الحقبة اللبنانية الظلماء. ولعله مشفوع بالرغبة الجامحة في الرؤوس المقفلة، بالإصرار على عدم الاستماع الى النصائح التي تتوالى من القريب والبعيد، من المحب ومدعي المحبة، من الذي قلبه على لبنان ومن الذي يقول، في ذاته: دعهم يكسرون بعضهم بعضاً، ولنتفرج عليهم يتناحرون وينتحرون.
لبنان في الفراغ الحكومي، في الواقع الحالي، يعني القضاء على آخر مقومات الصمود:
يخطئ من يظن أن الأمن سيبقى ممسوكاً في الفراغ الحكومي.
ويخطئ من يخيل إليه أنه سيكون رابحاً في الفراغ الحكومي.
ويخطئ أكثر من يراوده مجرد الاحتمال ےبأن فوق رأسه مظلة تقيه حرارة اللهيب الذي سيندلع حريقه جراء الفراغ الحكومي.
ويخطئ أكثر فأكثر الذي يأمل في قطف ثمار الكارثة.
وبالقدر ذاته يخطئ من يراوده حلم الاعتقاد بأنه سيكون في منأى عن التداعيات وهو يكتفي بالبيانات والتصريحات والتهجمات على قاعدة: نحن ليس لنا دخل. فلنهاجم هذا المنافس في جماعتنا، ولنغمز قليلاً من طرف الآخرين، وسيكون المردود الإيجابي علينا وفيراً.
المراهنون على أن الضرر الفادح سيقتصر على تيارين يقفان في مواجهة بعضهما البعض، هو أيضاً يخطئ كثيراً.
والمراهنون على قوى تأتي من الخارج لتدعمهم هم أيضاً يرتكبون خطيئة عظيمة.
والمراهنون على المجهول ستنتابهم الخيبة… ذلك أن الصورة واضحة جداً ببشاعتها، وبشمولية هذه البشاعة.
يؤلمنا أن تكون هذه العجالة قد حملت قدراً كبيراً من التشاؤم، إلا أنها الحقيقة الكاملة… ومن يجهلها أو يتجاهلها سيفجعه ما تتحدث عنه المعلومات والتقارير حول اهتزاز الوحدة الوطنية.
وحول الشعارات التي باتت معروفة، وهي مبنية على فسخ العقد الميثاقي اللبناني، وقد انتقل المنادون بها من العتمة والظل الى المجاهرة. اللهم فاشهد اني قد بلغت.