Site icon IMLebanon

الحكومة.. «تهتز ولا تقع»  

ينطبق على حكومة الرئيس تمام سلام أنها مثل الدنيا «تهتز ولا تقع»، ليس لأنها تمتلك قوة جاذبية خارقة تمنعها من الوقوع، بل لأن هناك مجموعة من«الدعائم» الداخلية والدولية التي تحول دون انفراط عقدها، لأن ذلك يعني ببساطة انفراط عقد البلد في ظل الفراغ الرئاسي والشلل النيابي والجمود الاقتصادي، خصوصاً في ظل الضبابية التي تحيط بالوضع الإقليمي والدولي، ما يدفع جميع مكوناتها إلى إجراء حسابات دقيقة قبل قلب الطاولة كلياً.

كل ما سبق يدفع إلى القول إن الحكومة باقية في الفترة المقبلة بقوة دفع داخلية وإقليمية ودولية على السواء، ولن تتحول إلى حكومة تصريف أعمال مهما إزدادت حدة اعتراضات الرابية أو الصيفي عليها، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال عقد الرئيس تمام سلام جلسة لمجلس الوزراء بالرغم من غياب وزراء التيار الوطني الحر والكتائب، ومن خلال الحضور الذي أثبته وزراء حزب الله داخل الجلسة، والمسارعة الى الإعلان بعدها بأن هناك جلسة ثانية ستُعقد قبيل مشاركة الرئيس تمام سلام في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وأيضاً المساعي التي تبذل وعلى رأسها محاولات رئيس مجلس النواب نبيه بري لإعادة كافة أطراف الحكومة إلى الطاولة.

إذاً، الاندفاع نحو استقالة الحكومة وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال لن يكون سهلاً، وهذا ما تُقر به كافة مكوناتها مهما ازدادت مآخذها على أداء مجلس الوزراء، وهذا ما يوافق عليه وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دي فريج الذي يقول لـ«المستقبل»: «الحكومة وجدت لتبقى مؤسسة مستمرة بناء على ضغط دولي وعربي لأنهم يريدون أن يبقى لبنان، واللعب بمصير الحكومة يعني اللعب بالنار، والتيار الوطني الحر آخر طرف يحق له الكلام عن الميثاقية وحقوق المسيحيين، لأنه قام في العام 1988 بتشكيل حكومة من وزراء مسيحيين فقط»، ويوافقه الرأي وزير الإعلام رمزي جريج الذي يؤكد أن «الحكومة باقية وستستمر ونأمل أن يفعّل عملها، بالرغم من التعثر الذي تعانيه لأن لسوء الحظ هناك أطرافاً فيها تربط موقفها بمصالح إقليمية»، ويشدد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس على أن «مقاطعة بعض الأطراف لمجلس الوزراء لن تطول لأنها غير منتجة وتأثير الشلل الحكومي سينعكس مزيداً من الركود الاقتصادي على البلاد وخللاً أمنياً وتشتتاً سياسياً«. ويلفت وزير النقل والأشغال العامة غازي زعيتر إلى أن الرئيس بري يقوم بمساعٍ حثيثة للتخفيف من حدة المواقف السياسية والشعبوية، على أمل أن يعود الجميع إلى رشده وإلى تحمل المسؤولية الوطنية». 

هذا التسليم بضرورة استمرار الحكومة وعدم استقالتها، يشرحه الوزراء من زوايا مختلفة، إذ يلفت جريج إلى أن «الحكومة خلال الشغور الرئاسي لا يمكنها أن تستقيل من الناحية الدستورية، لأنها تعمل وفق الوكالة التي أعطاها إياها الدستور للحلول مكان الرئيس إلى حين انتخاب رئيس جديد، كما أنه ليس هناك مرجع يوقع مرسوم استقالتها، وبالتالي هذه الحكومة هي المؤسسة الوحيدة التي ترمز إلى بقاء الدولة، علماً أن هناك كثراً من الوزراء وأنا منهم لديهم رغبة بالاستقالة لكننا كما يقول المثل «مرغم أخاك لا بطل». 

ويضيف: «هناك تعثر في عمل الحكومة لأن آلية العمل المعتمدة مخالفة للمادة 65 من الدستور، والآلية المتبعة تعطي الحق لأربعة وزراء فقط لتعطيل الحكومة، وبالرغم من ذلك هناك أطراف متمسكة ببقاء الحكومة وهي باقية وستستمر ونأمل أن يفعل عملها، أنا واقعي هناك تعثر لأن هناك أطرافاً فيها تربط مواقفها بمصالح إقليمية». 

ويرى زعيتر أن «قيام الحكومة بواجباتها أمر ضروري لأسباب عدة منها الشلل في المجلس النيابي، وبالتالي العقم الحكومي يعني وضع البلاد أمام احتمالات خطيرة جداً أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، لذلك على الجميع إدراك هذه الحقائق والتعاون لحل المشاكل التي تواجهنا وأولها انتخاب رئيس للجمهورية«، لافتاً إلى أن «الرئيس بري يقوم بمساعٍ حثيثة للتخفيف من حدة المواقف السياسية والشعبوية،على أمل أن يعود الجميع إلى رشده وإلى تحمل المسؤولية الوطنية».

ويشرح درباس أهمية استمرار الحكومة من خلال عدة مفاصل، «اقتصادية لأنها أكبر منفق في المجتمع وحكومة تصريف الأعمال تعني بلداً بلا إنفاق وبلا رواتب للقطاع العام بسبب غياب الموازنة وأضعف قدرة على معالجة أي مشكلة وأولها مشكلة النفايات، والمفصل الثاني أمني لأن الجيش والقوى العسكرية الاخرى لا يمكنها التحرك من دون غطاء سياسي ناهيك عن النفايات السياسية والادعاء بتمثيل الشعب اللبناني، وهذا يعني أن استقالة الحكومة تعني ركوداً اقتصادياً وخللاً أمنياً وتشتتاً سياسياً، وأعتقد أن مقاطعة بعض الأطراف لمجلس الوزراء لن تطول لأنها غير منتجة«. 

ويؤكد دي فريج أن «الحكومة وجدت لتبقى مؤسسة تدير شؤون البلاد بناء على ضغط دولي وعربي، وبالرغم من تأخر تأليفها ما يزيد عن10 أشهر، وهي لم تتألف لحل مشكلات المنطقة بل لتسيير أمور اللبنانيين، وبالتالي من يعرقل عملها يعرقل مصالح المواطنين العاديين، وعدم وجود حكومة في الوقت الحالي يعني إلغاء للكيان ولعباً بالنار تحت حجة الميثاقية والمحافظة على الوجود المسيحي». 

ويضيف: «التيار الوطني الحر هو آخر من يحق له التحدث عن الميثاقية وحقوق المسيحيين، لأنه في العام 1988 قام الجنرال عون بتأليف حكومة عسكرية أعضاؤها من المسيحيين، بعد أن رفض المسلمون الانضمام إليها، ولا شك أن استمرار الوضع الحكومي على ما هو عليه من شلل سيزيد التوتر في البلاد، ونحن بانتظار الاتصالات التي يقوم بها الرئيس سلام علها تسفر عن انفراج حكومي يريح البلد».