IMLebanon

الى الفراغ در

 

 

هل دخلنا الفراغ؟ والاصحّ: هل دخلنا الفراغين الحكومي والرئاسي؟ من أسف ان الجواب يتجه لأن يكون بالايجاب، فالبلد في مسار متسارع نحو تعاظم الكارثة انهياراً بلا حدود في المجالات كلها، وفي المرافق كافة. انه الزمن الأكثر رداءةً في تاريخ هذا الوطن المعذب، وشعبه الذي يُقاد الى الهاوية وهو مغمض العينين، وكأنه فقد أي حسٍّ بالكرامة، وكأنه من دون استشعار بحقوقه المستَلَبة، بل كأنه يُقاد الى مصيره المعلوم في الذل والمهانة والعذاب.

 

هل هذا قدر اللبنانيين؟!.  بالتأكيد ليس هذا قدرهم. ولكن هكذا شعب متخلِّ عن ادنى حقوقه، يستحق أن يصل الى هذا المصير المخزي.

 

والأنكى، والأكثر وجعاً وايلاماً، ان هذا الشعب يبدو مقتنعاً بواقعه الذي انحدر معه من اعلى الأعلى الى أدنى الأدنى… هذا الشعب الذي انتفض ذات السابع عشر من تشرين، والبعض يقول انه ثار وليس انتفض وحسب، والذي مارس حقه الانتخابي، ليوصل الى الندوة البرلمانية بضعة عشر رجلاً وامرأة، اكتشف انه أكل مقلباً غير مسبوق، قياساً الى الاداء الذي اتسم به عمل مجموعة الثلاثة عشر نائبا، الذين تكشف وجودهم النيابي، حتى الان، عن «صفر مكعب». والحق ليس على «المنظومة» التي تحكمت بالبلد طوال عقود، ولا هو على «الجماعة السياسية» عموماً، انما هو على هذا الرأي العام الغبي، الغافل، الذي، يشكو ثم يشكو ومن ثَمّ يشكو، وفي النهاية يقف وكأنه مخدّر آمام استلاب حقوقه كلها، وحرمانه من أدنى متطلبات الحياة… ولا نعدّد.

 

هذا الشعب المخدّر اجماعياَ، سرعان ما يستيقظ إذا دعا داعٍ الى هبّة باسم «يا غيرة الدين»، أو باسم الزعيم، ليملأوا الشارع صراخاً وعويلاً دفاعاً عن هذا الزعيم أو ذاك الإقطاعي، أو ذلك البيك، أو ذلكم المفياوي…

 

ان هؤلاء الذين لا ينتفضون للقمة الكرامة، ولا يتحركون احتجاجاً على البهدلة والجوع والفقر والقهر والظلم وامتهان الكرامات الخ… يهرولون من أجل المرجعية المتحكمة بالرقاب.

 

وأما الوضع الراهن، وهو الذي لا يُطاق، فكيف ستؤول أحواله مع الفراغ الذي بات شبه محسوم في الحكومة، وهو يربو سلفاً شبه محسوم في رئاسة الجمهورية… مع ما يترتب على هذا كله من تداعيات، وفي طليعتها الاختلال الأمني الخطِر الذي بدأت إرهاصاته تلوح في الأفق القريب… والمتعامي وحده لا يراها.