IMLebanon

أيهما يسبق الآخر الولادة الحكومية أم الوصاية الدولية؟

 

كيف يمكن إنهاء هذا الكباش بالمعاندة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف؟

 

بل ما السبيل لإيقاظ ضمائر المنظمومة الحاكمة من هذا السبات العميق؟

 

ومن يستطيع أن يقرع طبول الصحوة والإنقاذ في خضم سكون اليأس والموت المخيم على البلاد والعباد؟

 

الواقع أن بلادة التماسيح المسيطرة على أهل السلطة رغم كل المخاطر المحدقة بالبلد، ورغم كل الإنهيارات المستمرة والتي طالت كل القطاعات الفاعلة، مازالت تُثير حيرة عواصم القرار المتحفزة لمساعدة الوطن المنكوب، فور تشكيل «حكومة مهمة»، تُعيد الإمساك بزمام الأمور، وتوقف الإنحدار المرعب، وتضع قطار الإنقاذ والإصلاح على السكة الصحيحة.

 

هل يُعقل أن يكون الرئيس الفرنسي أكثر حماساً لإنقاذ لبنان من الرئيس اللبناني؟

 

ماذا يعني أن تكون رئيسة حكومة ألمانيا، مثلاً، أكثر إندفاعاً لإصلاح قطاع الكهرباء من رئيس حكومة لبنان، وبقية المسؤولين المعنيين بهذا الملف الفضائحي بإمتياز؟

 

لماذا يكون صندوق النقد الدولي مستنفراً لبدء المفاوضات الإصلاحية في القطاع المالي والمصرفي، والمسؤولون في البنك المركزي ووزارة المالية غارقون في ملفات الفساد والعجز والضياع؟

 

سياسة الإنكار والمكابرة التي يتّبعها أهل الحكم تحت شعارات شعبوية واهية، هذا عن حقوق المسيحيين، وذاك عن الدستور، وثالث عن إتفاق الطائف، إلى آخر المعزوفة المعروفة، لن تفيد لا في حماية حقوق الطوائف المزعومة، ولا في صون روح الدستور ونصوصه، ولا في الحفاظ على الطائف وتوازناته!

 

ذلك أن الإنهيارات المتناسلة بسرعة صاروخية، ضربت مقومات الدولة، وأصابتها بأعطاب قاتلة، كما زرعت الفشل والشلل في قطاعات واسعة، وأصابت الشعب المغلوب على أمره باليأس والإحباط، ولم تعد تنفع معها كل المناورات السياسية، ولا البهلوانيات الطائفية.

 

لبنان في ظل هذا الواقع، أصبحت تنطبق عليه مواصفات «الدولة الفاشلة» وأحكامها في القوانين الدولية، وفي مقدمتها البحث في الخطوات الدولية الواجب إتخاذها لإنقاذ الشعب اللبناني والدولة اللبنانية من هيمنة هذه الطبقة السياسية المارقة، والتي أوصلت البلاد والعباد إلى مهاوي السقوط والإفلاس.

 

التصنيف الدولي للبنان كدولة فاشلة يفتح الطريق أمام الإشارات الخارجية، التي صدرت مؤخراً من بعض عواصم القرار، وأوحت بوجود توجه لصياغة تدخل دولي في لبنان، برعاية من الأمم المتحدة.

 

ولعل أهم تلك الإشارات وأكثرها وضوحاً، دعوة البابا فرانسيس في كلمته بعيد الميلاد المجمتع الدولي للعمل على المساعدة على إنقاذ لبنان وشعبه من الأزمات التي يتخبط فيها.

 

إقرار عواصم القرار الدولي بفشل المنظومة الحاكمة في إدارة البلاد، قوبل من فريق الحكم بالدعوة لإسقاط إتفاق الطائف، والذهاب إلى مؤتمر تأسيسي يُعيد تركيب صيغة الشراكة الداخلية على قاعدة المثالثة، وإعتماد نظام الفيدرالية ، بدل اللامركزية الواسعة التي نص عليها الطائف.

 

المفارقة المحزنة، أن هذه الطروحات المثيرة للخلافات الداخلية، والصراعات الخارجية، لم تُحرك الطبقة السياسية المارقة للخروج من المراوحة الراهنة داخل نفق الأزمة، والعمل على تذليل الصعوبات التي تعترض تشكيل الحكومة، والتخلي عن الأنانيات والمصالح الضيقة في لعبة السلطة.

 

والغريب أن فريق العهد يخوض المعركة بأسلوب إنتحاري متهور، على طريقة «يا قاتل يا مقتول»، دون الأخذ بعين الإعتبار قواعد اللعبة الداخلية وتوازناتها الوطنية، ودون التعامل بالجدية اللازمة مع المخاطر المصيرية في الداخل، وتداعيات تدخل العوامل الخارجية في الشأن الداخلي.

 

رُبَّ قائل أن فريق العهد فتح معركة الإستحقاق الرئاسي منذ اليوم، ويعمل على تجاوز عقدة العقوبات الأميركية على النائب جبران باسيل باكراً، ولكن غاب عن بال اللاعبين الأغرار على المسرح السياسي، أن مصير الإستحقاق الرئاسي يُحسم في اللحظة الأخيرة، وعلى ضوء المعادلات السائدة في حينها، وليس قبل سنوات كما هو الوضع حالياً. وللتذكير فإن إنتخاب العماد ميشال عون انتظر سنتين ونصف السنة قبل أن يصدر الضوء الأخضر من الخارج لدخوله قصر بعبدا.

 

أيهما يسبق الآخر: الولادة الحكومية أم الوصاية الدولية؟