IMLebanon

هذا ما دفع دياب إلى تبنّي موازنة الحكومة السابقة

 

مصادر وزارية «لعدم الحكم على الأمور مسبقاً فبين أيدينا كرة نار»

 

افتتح الأسبوع على استحقاق مالي ودستوري تمثل باقرار مشروع موازنة العام 2020. بالموازاة تنكبّ الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب ليلاً ونهاراً لوضع خارطة طريق عملها من خلال البيان الوزاري الذي سيحدد أولوياتها ومسارها وتظهير صورتها لتنال على أساسه ثقة المجلس النيابي لمراقبتها ومحاسبتها خلال فترة توليها مهام السلطة التنفيذية، مع العلم أن قسماً كبيراً من المواطنين والسياسيين أعلنوا وبكل صراحة حجبهم الثقة عن الحكومة منذ لحظة ولادتها من دون انتظار بيانها أو البدء بعملها.

 

واللافت أن اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري تعمل بـ«صمت وجدية» لانجاز عملها بأسرع وقت ممكن من دون أي تسرع، وهي تحرص، كما أعلنت، على «الخروج ببيان واقعي منطقي يقارب الازمات الكبيرة التي يتخبط بها البلد من خلال وضع خطة عمل سريعة لمعالجة المعاناة التي يرزح تحتها الوطن والمواطن»، وكشفت مصادر وزارية في هذا الاطار ان «اللجنة لا زالت بحاجة لعقد سلسلة اجتماعات مكثفة لانجاز صياغة البيان الذي لن يتم الانتهاء منه قبل نهاية هذا الاسبوع».

 

ولكن بالعودة الىموضوع اقرار مشروع موازنة  العام 2020 فكان اللافت أيضاً إعلان الرئيس دياب موقفه الصريح من المجلس النيابي بتبنية المشروع الذي لا يمت له بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد، والاشكالية التي جرت على خلفية الانقسام حول قانونية الجلسة ودستوريتها، كذلك الانقسام السياسي حول دعم المشروع او رفضه حتى من قبل طباخيه الذين سحبوا الغطاء عنه، باعتبار ان ما كان يصلح قبل 17 تشرين الاول الماضي لم يعد صالحا بعد هذا التاريخ، في ظل الازمة المالية والاقتصادية والمصرفية الراهنة».

 

من هنا، تؤكد مصادر اقتصادية رفيعة المستوى لـ«اللواء» انه «لا يمكن لأي حكومة جديدة مباشرة عملها في ظل عدم وجود موازنة»، وتذكّر المصادر بما عانته الحكومة السابقة من خلال سعيها لوضع موازنة وإقرارها رغم الخلافات التي كانت تتخبط بها الاطراف السياسية آنذاك، فتم انجاز الموازنة بصعوبة كبيرة وتم اقرارها بشكل سريع جداً بهدف انجاز هذا الاستحقاق.

 

من هنا تؤكد المصادر أن «الرئيس دياب على يقين انه لن يستطيع العمل دون موزانة، لهذا استجاب لطلب كتلة المستقبل النيابية ووافق على تبني الموازنة، خصوصا ان هناك خوفاً حقيقياً بانه في حال لم يتم اقرارها في الوقت المحدد، فإن المجلس النيابي قد لا يتمكن من اقرارها لاحقا، وقد يشكل هذا الامر فشلا للحكومة بالقيام بعملها، وعندها قد تكون هي من تتحمل مسؤولية عدم وجود موازنة».

 

وترى المصادر ان «اقرار الموازنة كان بمثابة براءة ذمة اعطتها الحكومة الجديدة وللعمل ضمنها ومن خلال ارقامها». وتعتبر أن «حكومة دياب قد جرى تشكيلها كسائر الحكومات التي يتم تأليفها في لبنان عادة منذ سنوات طويلة، اي من خلال الضغوطات السياسية الداخلية، لا سيما بالنسبة الى اتباع سياسة المحاصصة الواضحة والصريحة فيها»، لذلك تعتبر المصادر أن «هذه الحكومة لا تختلف عن اي حكومة سابقة من حيث الشكل، اما في المضمون فأسماء وزرائها جديدة، وسيرهم الذاتية تشير الى انهم شخصيات تتمتع بكفاءة»، من هنا تقول المصادر «لا يمكن تقييم عمل الحكومة ان كان بالنسبة الى الرئيس دياب او الوزراء الا عند انطلاقهم بعملهم»، ولكن تتخوف المصادر ان «تنعكس صورة  تشكيلها على عملها»، وتقول: «علينا انتظار ما اذا كان كل وزير سيعود الى مرجعيته السياسية التي رشحته او سيعمل وفق المصلحة عامة وما يمليه عليه ضميره».

 

وتأمل المصادر ان تعطى الحكومة صلاحيات محددة لكي تنجح في عملها. وتشير الى ان من وضع الموازنة هي الحكومة السابقة التي كان تمثل الكتل السياسية الموجودة في المجلس النيابي بحيث كانت الحكومة عبارة عن مجلس نيابي مصغر مما يعني ان من وضعها هو المجلس النيابي نفسه، عكس ما كان يحصل عادة حيث ان مهام الحكومة درس الموازنة واقرارها وتحويلها الى البرلمان الذي له السلطة بتعديلها، وتلاحظ المصادر ان هذه المرة لم يدخل المجلس النيابي تعديلات مفصلية عليها.

 

وتعترف المصادر بان «الموازنة التي وضعتها الحكومة الماضية والتي اقرها المجلس النيابي يوم الاثنين الماضي لم تعد صالحة مئة في المئة لاتباعها حاليا، لان الظروف التي وضعت فيها تغيرت بشكل جذري بعد 17 تشرين الاول الماضي وهذا الامر لم ينسحب فقط على موازنة الدولة بل انسحب على كل موازنات الشركات والمؤسسات التي تغيرت وتيرة عملها بشكل كلي، لان الظروف التي نمر بها جميعا استثنائية، لذلك اصبح تاريخ 17 تشرين الاول تاريخاً مفصلياً على الاصعدة كافة وبمختلف القطاعات في لبنان».

 

من هنا، تشدد المصادر على ان «هناك ضرورة لكافة المؤسسات العامة والخاصة باعادة النظر بكل موازناتها وطريقة عملها، خصوصا ان سندات الخزينة تغيّرت والتمويل الخارجي ايضا، كذلك الضمانات والتحديات والمخاطر»، وترى أنه «علينا اعادة جدولة كل الموازنات من نقطة الصفر».

 

وتعتبر المصادر ان المجتمع الدولي ينظر الى لبنان ابعد بكثير من موضوع اقرار موازنة، خصوصا انه كان مطلوبا منه وبناءً على اقتراحات مؤتمر «سيدر» القيام بسلة من الاصلاحات من بينها تخفيض العجز وانجاز موازنة طموحة، ولكن اليوم تغيرت متطلبات الدول المانحة بالنسبة الى نظرتها للبنان، حيث اصبح الحديث عن مواضيع مختلفة كمكافحة الفساد اضافة الى الضغوط السياسية الاقليمية والدولية، حيث ان المجتمع الدولي يترقب حاليا عمل الحكومة وادائها السياسي والاقتصادي والاجراءات التي ستتخذها وجدية القيام بالاصلاحات المطلوبة.

 

وتختم المصادر بالقول «علينا عدم الحكم على الامور بشكل مسبق، خصوصا ان الجميع يعلم ان بين ايدي الحكومة الحالية كرة نار عليها معرفة كيفية التعامل معها».