IMLebanon

حكومات الفضائح بالجملة

 

الدول المانحة التي تنوي عقد اكثر من اجتماع لتقديم المساعدات المالية والعينية والعسكرية والخبرات الى لبنان، لا شك انها تحبّ لبنان، ويعنيها استقراره وسيادته وعدم انهيار اقتصاده وعملته الوطنية، وبالتالي يهمّها ايضاً الاّ تنهار الدولة والاّ يتحوّل لبنان بين ليلة وضحاها الى دولة فاشلة مفلسة تقف على أبواب الدول تمدّ ايدي الاستعطاء.

ومن الطبيعي والمفترض ان هذه الدول تحترم شعوبها، وتحترم القوانين التي ترعى الحفاظ على كرامة شعوبها وعلى ماليّتها واقتصادها وقوّة عملتها الوطنية، وبالتالي هي ترى وتتوقع ان يحترم لبنان شعبه والمساعدات التي تقدم اليه وكيف يتمّ انفاقها او استعمالها، لتؤتي النتائج الايجابية المتوقعة، ولكن مع الأسف لم يقم لبنان منذ باريس -1 بما كان يجب ان يقوم به، لسبب وحيد ما زال قائماً ومؤثراً هو سلطان الفساد الذي انتج وينتج جميع أنواع الكوارث التي يعيشها منذ عام 1990 بما فيها المديونية المخيفة، والنموّ العاقر، والهدر، والبطالة، والادارات المعطّلة او المهترئة، والتلوّث المميت، والاضرابات المتلاحقة، والقتل، والسطو المسلح، والخطف، والرشوة وتشريع الحدود امام كل غريب، حتى ان وزير المال علي حسن خليل اعترف علناً امام اللبنانيين وغير اللبنانيين، ممن يقدّمون مساعدات الينا، ان هناك اخطبوطاً كبيراً من الفساد اقوى من الدولة يمتد بسرعة الى جميع مرافق الدولة ومؤسساتها ووزاراتها، واستغرب خليل، انه رغم معرفة جميع الوزراء بدقّة الوضع المالي، وبالعجز الكبير في الموازنة العامة، الاّ ان التوظيف السياسي والطائفي والمذهبي لم يتوقف والانفاق لم يتوقف، وهناك رفض مستغرب لتخفيض ارقام الموازنة ولو بنسبة عشرين بالمئة، على اقلّه لوقف التدهور المتوقع.

هناك فضائح بالجملة، يتناولها الاعلام، ووسائل التواصل عن انفاق غير مبرر وفي غير مكانه، في عدد من المؤسسات والادارات والوزارات ولا ينتج عنه اي مردود ايجابي، وكأن لبنان يعوم على بحر من المال والثروات، او أن السماء استجابت لشعر الاخوين رحباني في احدى مسرحياتهما عندما قالا «يا دنيا شتي مصاري، شتّي علينا فلوس»، ومع ذلك لا احد يهتمّ او يتحرّك من المسؤولين، الذين على ما يبدو يبيعون الغاز قبل استخراجه، على القاعدة المعروفة «يبيعون جلد العرب قبل صيده».

* * * *

الأسبيرين الحكومي انتهت صلاحيته منذ زمن، ولكن الحكومات المتعاقبة ما زالت تستعمله بهبل لمعالجة اعصار التحرك العمالي والموظفين والمياومين في الكهرباء والمستشفيات، والاساتذة وأهالي الطلاب والسائقين، والعلاج السلحفاتي والمازوتي الذي تمارسه الدولة، يزيد في تعميق المشكلة وفي الطين بلّة، هناك فشل في الكهرباء والماء والمدارس والبيئة، وازمة السير وغيرها العديد، مع معرفتها بأن المشكلة الأساس هي في طريقة ادارة شؤون الحكم، وفي عدم نظافة الكف، وفي عدم الجرأة على مواجهة الشرّير.

مع الاعتذار الشديد من القراء الكرام، لم أجد وصفاً يعبّر حقيقة عن أعمال الحكومات المتعاقبة التي تكشفها العوامل الطبيعية مثل الامطار والثلوج والعواصف والتجارب على الارض سوى ثلاث كلمات «حكومات بزّق ولزّق».

اكرر اعتذاري.