بين التكنوسياسية والتكنوقراط ضاعت «طاسة الحكومة»، فعلى وقع رفض الشارع لانعقاد جلسة تشريعية تقرّ قوانين لم يرَ فيها ضرورة، كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يطلع المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش على تصوره للحكومة التي على أساسها سيدعو الى الاستشارات النيابية الملزمة، موضحاً أنّ ركائزها تتمثّل بـ: ممثلين عن مختلف المكوّنات السياسية، وعن الحراك الشعبي ووزراء تكنوقراط من أصحاب السمعة الطيبة.
رسم رئيس الجمهورية الخطوط العريضة لتشكيل الحكومة ومواصفاتها، وبحسب «مصادر بعبدا» أرادها «حكومة تكنو – سياسية تجمع ممثلين عن «الحراك الشعبي» من جهة، وتحظى بالغطاء السياسي الذي تحتاج اليه في هذه الظروف الدقيقة والخطيرة التي يمرّ فيها لبنان والمنطقة، من جهة ثانية».
ولمّحت المصادر الى «إمكانية أن يتولى الوزراء الإختصاصيّون الحقائب الخدماتية والتقنية التي تعنى بشؤون الناس، وتحتاج الى وزيرات ووزراء من أصحاب الكفايات العالية لاستعادة الثقة المفقودة بالدولة ومؤسساتها ورعاية شؤون الناس، من دون حظوة سياسية لفئة او منطقة دون أخرى، على أن يكون الوزراء السياسيون بلا حقائب».
وأشارت «الى أنّ رئيس الجمهورية لن يدخل في موضوع توزيع الحقائب، فهذه العملية ليست من مهماته، بل هي مهمة الرئيس المكلف الذي سيتولى تشكيل الحكومة بما يضمن هذا الإطار العريض»، لافتة الى أنّ «حكومات ما بعد إتّفاق الطائف باتت بصيغة تشاركية معروفة ولم تشذ اي منها عن مثل هذه الحكومة».
وعن إمكانية إشراك الحراك في الحكومة ، خصوصاً أنه لم يبدِ حتّى الآن رغبته في المشاركة، قالت المصادر: «إنّ الرئيس المكلف سيتولى هذه المهمة، فإن وافقوا يكون خيراً وان رفضوا فيكون خيراً ايضاً لئلا يقال ان أحداً يرفض وجودهم او يرفض اعطاءهم اي دور يمكن ان يقوموا به في المرحلة المقبلة».
في الشكل تلاقي حركة «أمل» رئيس الجمهورية في هذا الطرح، لذلك رأى عضو كتلة «التنمية والتحرير» فادي علامة أنّ «الحكومة قادرة على استيعاب الجميع، فمقابل الحراك وجمهوره ووجهة نظره ومطالبه المحقّة، للكتل السياسية التي انتخبت منذ عام ونصف العام، جمهورها وناخبوها ومطالبها ولا مجال لها أن تعتذر».
ورأى علامة أنّ مكوّنات الحراك المؤلفة من ناشطين وعدد من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المتخصصة بالبيئة والنقل وسلامة الغذاء وغيرها، «أن يوحدوا مطالبهم، ويحددوا ممثلين عنهم ليسهل التواصل معهم»، موضحاً أنّ «هذا المطلب لا يهدف لإضعافهم ولا لتقسيمهم، فالأولوية اليوم هي لإيجاد الحلول الإنقاذية لا «للحرتقة» على الحراك، كما فسر البعض هذا المطلب».
وأشار الى أنّ «إنخراط الحراك في الحكومة من شأنه أن يحقق له أهدافه بطريقة أسرع من البقاء خارجا».
كلّ هذه الإقتراحات لم تقنع «اللقاء الديموقراطي»، المتمسّك كالشارع بحكومة التكنوقراط لا غيرها، فاعتبر أمين سر «اللقاء» النائب هادي أبو الحسن أنّ «كلّ ما يحصل هو محاولة للإلتفاف على المطالب الشعبية، تحت شعار تكنوسياسية لإعادة إمرار بعض الرموز التي يرفضها من الشعب اللبناني أو من يمثل تلك الرموز فهذا أمر غير مستحب» .
وعن آخر التطورات الحكومية، قال: «بكل صراحة نحن لسنا منخرطين في النقاش الجاري والمشاورات الجانبية للتأليف من منطلق الإعتراض على هذا المبدأ، فنحن كلقاء ديموقراطي وكحزب تقدمي، طالبنا منذ البداية بإحترام الدستور والدعوة لإستشارات نيابية ملزمة، وما يجري اليوم مخالفة دستورية، وحفلة تشويه للدستور اللبناني لن نشارك فيها».
أمّا تيار «المستقبل» الذي يؤكد أنّ «الرئيس(عون) يمون»، يلفت الى أنّ «المشاورات حالياً مكانك راوح، والجميع متمسكون بموقفهم، في حين أنّ لبنان يغرق أكثر فأكثر والشعب اللبناني جائع».
إنطلاقاً من كل ذلك، رأى النائب نزيه نجم أنّهم لايقولون «نحن أو لا أحد، فالأولوية بالنسبة الى التيار الأزرق إيجاد الحلّول الإنقاذية». وشدد على أنّ مطلب الحريري واضح «فهو يريد حكومة إختصاصيين فقط، لكي لا يعرقلهم أحد من السياسيين، وذلك ضمن مهلة محددة لا تتخطى 6 أشهر، لأننا وبكل صراحة فشلنا كسياسيين في إدارة البلد والأزمة. كلنا نتحدّث عن السرقة والهدر، والسرقة والهدر مستمران، كلنا نتحدّث عن إقتصاد مرهق، والبطالة وصلت الى 60% وإذا استمرينا على هذا المنوال سنصل الى 70 و 80% .. المؤسسات والشركات والمصارف تدفع نصف معاش لموظفيها.. كل المؤشرات سلبية فلنعطِ الاختصاصيين فرصة لإنقاذ البلد».