ينقل وفق معلومات سبقت الإستشارات النيابية غير الملزمة، أن أكثر من لقاء حصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، تناول عملية تشكيل الحكومة وبسرعة فائقة، وتم الإتفاق على الخطوط العريضة وشكلها ووزرائها، وبالتالي أن الرئيس نبيه بري كان في الأجواء ومن الموافقين والداعمين لهذا المسار، ومن هنا، اشتمّ أحد النواب بعد مغادرته قصر بعبدا، أن «الطبخة» الحكومية انطلقت قبل التكليف والإستشارات، ما يعني أن ما حصل كان شكلياً، وكل ما أحاط بتسمية ميقاتي أو السفير نوّاف سلام إلى الممتنعين، صبّ في إطار المناورات السياسية، لأن الجميع كان يدرك وصول ما يُطبَخ، وكيف تدار الدفّة، ولهذه الغاية كان الإرباك واضحاً على النواب «التغييريين» الذين لم يتمكنوا، وفي الإستحقاق الثالث على التوالي، من تحقيق أي هدف أو الإلتزام بخياراتهم وقناعاتهم التي على أساسها تم انتخابهم، ومن ثم أن الإنقسام في ما بينهم كان جلياً، ما يدلّ على صعوبة تحقيق ما يصبون إليه، وربما لاحقاً يصار إلى انفراط عقد تكتل «التغييريين».
وفي السياق، وبالعودة إلى الحكومة، فإن «اللقاء الديموقراطي» على سبيل المثال، كان على بيّنة مما يجري، وبالتالي لن يشارك في الحكومة، وتشير المعلومات أنه سيُبقي على وزير التربية عباس الحلبي، وقد يصار إلى تسمية وزير ثانٍ مستقل، ولا يشكل أي إزعاج أو استفزاز لدى أي جهة أو طرف درزي، وبالمحصلة فإن «اللقاء الديموقراطي» وخلال استشارات التأليف سيطالب بهذه المسألة، أي سيدع الرئيس المكلّف إسم الوزير الحلبي، أكان قد تم تعويم الحكومة، أو كان هناك من حكومة جديدة، إضافة إلى الإسم الثاني، دون مشاركة أي محازب من الحزب «التقدمي الإشتراكي»، أو توزير أحد نواب «اللقاء الديموقراطي»، ومردّ هذه الأجواء والمعطيات تعود إلى تمرير هذه المرحلة إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة، ولكن بات معروفاً أيضاً أن «اللقاء الديموقراطي»، كما بعض القوى الأخرى، لا يريد الدخول في حكومة ، وقد بقي للعهد أربعة أشهر لانتهاء ولايته، وعلى هذه الخلفية، فإن «اللقاء» لن يعطيه أي فرصة للعهد في أشهره الأخيرة.
وعلى خط موازٍ، ينقل أيضاً بأن البعض قرأ الرسالة الفرنسية في ظل الرغبة من قبل باريس بتكليف ميقاتي، وتشكيل حكومة في أسرع وقت، أو بقاء حكومته وإجراء تعديل وزاري يطاول بعض الحقائب، لا سيما حقيبتي الطاقة والإقتصاد، وأن تعطى الحكومة مجدداً الثقة في المجلس النيابي لإعطائها الشرعية المطلوبة، وعلى هذا الأساس، التزم البعض بهذه الرغبة، بما فيهم رئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وإن لم يسمِّ ميقاتي لدواعٍ شعبوية، إنما كان هناك ضغوطات من قبل حلفاء «التيار الوطني» كي لا يعرقل التكليف، ولاحقاً التأليف، وما ساعد وساهم في ذلك، تقاطع التلاقي بين ميقاتي وحزب اللهربطاً بالتواصل القائم بين باريس وعاصمة إقليمية وحلفائها، مما كان له التأثير البالغ في «دَوزنة» كل ما حصل في هذه الإستشارات وأدى لاحقاً إلى التكليف.
وعليه، يبقى أن هذه المعطيات والمؤشرات التي التقطها البعض، قد تساعد وتساهم في التأليف أو التعديل الحكومي، لتمرير ما تبقى من ولاية رئيس الجمهورية بأقل عدد ممكن من الخسائر الإضافية، لا سيما أيضاً أن الأجواء الإقتصادية التي تشهد المزيد من الإنهيار، لها تأثيرها في عدم إقدام أي فريق سياسي على المغامرة والتعطيل، وتحديداًالنائب باسيل، أي عدم العودة إلى ما جرى في الحكومات السابقة.