Site icon IMLebanon

الحاكم والعميد أيضاً

لا أحد يعرف، ما اذا كان حاكم أندية الليونز في المنطقة ٣٥١، كتلوياً أو صديقاً للكتلة، أو محبّاً لها.

إلاّ أن لويس بو فرح، كان محامياً كبيراً، يقود بنجاح مدرسة ملفين جونز بحكمة وحنكة ويحمل شعاره الخالد: نحن نخدم.

وعلى مدى طويل، حمل لويس بو فرح، شعار مؤسسة انسانية، غير سياسية، لكنها تجيد سياسة سلامة الأوطان.

ربما أحب لويس بو فرح تكريم ريمون اده، بعد أكثر من نصف قرن، لأن في تكريمه تكريماً للبنان وللنزاهة، والصرامة في نصرة الحق والعدل والخُلق.

إلاّ أن تكريم العميد، جمع بفرح وغبطة اللبنانيين، على ضآلة المناسبات التكريمية، فعل ايمان بتخليد رجل نادر في حبّه للبنان، وفي صلابته وحرصه على الاستقامة والنبل.

طبعاً، كانت المناسبة جليلة، في تكريم رجل عنيد في السياسة.

والحقيقة، ان العميد كان دائماً عنيداً في الحق، وفي الموقف حيناً، وفي الذود عن لبنان أحياناً.

واللفظة، لا تعني العناد، ذلك انه كان رجل المرونة في الحوار، ورائداً من روّاد الحرية والديمقراطية.

وهذا، ما يجمع بين الحاكم لويس بو فرح والعميد ريمون اده، على طول المسافة في العمر.

***

لا أحد ينسى، انه في مطلع عهد الرئيس فؤاد شهاب، كلّف الرئيس فؤاد شهاب الرئيس رشيد كرامي، تأليف الحكومة الأولى في عهده.

يومئذ، رفع اليه الزعيم الطرابلسي أسماء حكومة، وافق عليها رئيس الجمهورية، لكنه لم يكن متحمّساً لها.

وعلى الفور قامت معارضة مسيحية، امتدّت من جونيه الى بيروت، بقيادة حزبي الكتائب والكتلة، وصعوداً الى جبل لبنان.

واختار العميد ريمون اده أحد أبرز أصدقاء الرئيس فؤاد شهاب، وأودعه اقتراحاً باسمه بتأليف حكومة رباعية مؤلفة من رشيد كرامي وحسين العويني عن المسلمين، وبيار الجميّل وريمون اده عن المسيحيين.

وعلى الفور استدعى فواد شهاب رشيد كرامي واتفق وإياه على الحكومة الانقاذية.

كان ريمون اده ضد العسكر، لكنه في سبيل انقاذ البلد، من مرحلة الغالب والمغلوب تعاون مع فؤاد شهاب ومع خصمه الألد الشيخ بيار الجميّل، وكانت الحكومة الأقصر عمراً، والأكثر انتاجا، وأقرّ خلالها اعدام التكميل، وتوقف الفلتان الأمني.

***

في العام ١٩٨٣، سافر الرئيس حسين الحسيني من بيروت الى روما، وبعد لقائه الحبر الأعظم، تابع سفره الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي يومئذ فرنسوا ميتران.

وعندما كان الرئيس الحسيني في قصر الأليزيه، ذهب باقي أعضاء الوفد المرافق الى فندق الملكة اليزابيت للقاء العميد اده. وهنا سئل العميد عن سرّ عناده فهو لا يقبل رئاسة الجمهورية، ولا أي اتفاق داخلي مع الآخرين.

ضحك العميد ورد بأن سعاة الخير، يريدون عميداً سهلاً في تسوية ليست سهلة لرئاسة لبنان، ولا لانقاذه من المحن والاضطرابات.

وعقب بدوره على ما يعرض عليه، بقوله يريدونني أن أنتحر وأساهم بانتحار لبنان، لأنني أطالب بانسحاب الاسرائيليين وخروج السوريين، وبتوافق من الداخل، على مَن في الخارج.

اغرق العميد يومئذ في الضحك، وهو يردد بأن لبنان العظيم، لا تنقذه سهولة معروضة عليه للذهاب الى الجحيم.

هل لهذه الاسباب احب الحاكم لأندية الليونز في المنطقة ٣٥١، تكريم العميد، ولو بعد خمسة عشر عاما على رحيله.

بين الحاكم والعميد براءة سياسية تمتد من عصر ملفين جونز في العام ١٩١٧، الى عشرات الالوف من فرسان الخدمة العامة على أبواب العام ٢٠١٦.