في العام 2008 خرج كتاب حمل عنوان «تاريخ الشيعة في لبنان» عن دار الخيال، للكاتب الدكتور سعدون حمادة، يقول ببساطة: «لبنان كان للشيعة حتى العام 1760»، هذا الكتاب وصاحبه حاز تحديداً «الجائزة العالمية للكتاب» من إيران العام الجاري، وسلم الرئيس الايراني حسن روحاني خلال احتفال حاشد في قصر المؤتمرات في طهران «الجائزة» لصاحبه، مشدداً «بكامل الفخر والإعتزاز نمنحك هذه الجائزة العالمية لبحثك لما يحتويه من ثقافة ومعرفة وعلم وسيبقى هذا العمل العظيم الذي قمتم به رمزاً للجهاد الثقافي والفكري والعلمي»، وسلم الرئيس الايراني حسن روحاني خلال احتفال حاشد في قصر المؤتمرات في طهران «الجائزة» لصاحبه، مشدداً «بكامل الفخر والإعتزاز نمنحك هذه الجائزة العالمية لبحثك لما يحتويه من ثقافة ومعرفة وعلم وسيبقى هذا العمل العظيم الذي قمتم به رمزاً للجهاد الثقافي والفكري والعلمي»، واعتبر يومها وزير الثقافة والارشاد علي جنتي أن «الكتاب» سيغير تاريخ لبنان في المستقبل»!!
ولا نريد هنا أن ندخل في قراء للكتاب الذي يؤكّد أنّ الحاكم في لبنان كان شيعياً وبإشرافه كان يتم تنصيب البطريرك، ويعطيه مرسوماً بتثبيته، وهناك عدة مراسيم تتضمنها الوثائق التي يثبِّت فيها الحاكم الشيعي البطريرك في موقعه، ويحدد له واجباته وحقوقه، وفي احدى المراحل كان يشترط الحاكم على البطريرك في مرسوم التثبيت ان ينفذ شرع النبي محمد والإمام علي»!!
ولا نريد أيضاً أن ندخل في مقاربة دور الدولة الصفوية وصراعها مع الخلافة العثمانيّة واستقواء «الرؤوس الحمر» ـ كما يدّعي المؤرخ استناداً إلى وثائق مزعومة في «درج» البطريرك أنطوان الدويهي الذي اتهمه حمادة بأنّ قدّم رواية واهيَة مارونيّة لتاريخ لبنان الذي لم يتجاوز الوجود المسيحي فيه «نهر إبراهيم»، ومع هذا لم نسمع صوتاً من البطريركية المارونية، ولا من الذين يتظهرون تحت عنوان «حقوق المسيحيين» في الردّ على تاريخ لبنان «الشيعي» الفائز بجائزة إيرانيّة جهاديّة!!مشهد بعد ظهر الأربعاء، هل سينفّذ هذه الأجندة؟؟ بضع عشرات أو مئات من مؤيدي التيار الوطني الحر؛ أيضاً لم يُجدِ الحشد هذه المرة، بل على العكس فكرة «المسيرات السيّارة» أكدت التخوف من تكرّر المشهد السابق أمام مجلس الوزراء، مشهد وزير خارجيّة لبنان بنظارات برتقالية تشبه لعبة بلاستيكيّة، و»الطاسات البرتقاليّة» التي ذكرّت كثيرين بمشهد «الطاسات الحمراء» الزاحفة بالڤانات لاقتحام الطريق الجديدة، أعلام برتقالية على سيارات تحمل لوحة دمشق، عاشقان برتقاليّان حبكت في عز التظاهر أن يتبادلا قبلة «حقوق المسيحيين» بقدر ما أثار المشهد الضحك والسخرية عبر مواقع التواصل الإجتماعي بقدر ما أكّد المشهد لمعظم اللبنانيين، أنّ التاريخ سيُعيد نفسه، والأجواء الإقليمية والدوليّة مؤاتية لأن يخسر الموارنة ومعهم المسيحيون عموماً، ثلاثين في المئة من حصة «المناصفة» التي أقراها الطائف بين المسلمين والمسيحيين، ويعني ذلك خسارة خمسة عشرة في المئة من هذه المناصفة!!
من دون شك حزب الله يُريد المثالثة وأكثر، تماماً مثلما أراد الإحتلال السوري القضاء على «المنطقة المحرّرة» من لبنان والتي بقيت شوكة في الحلق السوري حتى دخول لبنان في الحربيْن المدمرتيْن المتتاليتيْن اللتيْن خاضهما بالمسحيين ثم عليهم الجنرال ميشال عون، ثمّ أفضتا إلى اتفاق الطائف الذي أوقف العدّ ونغمة «الأكثريّة المسلمة»، مجدداً إلى أين سيقود التصلّب العوني المسيحيين هذه المرّة؟!
طوال خمسة عشرة عاماً من الوصاية السورية فرّط مسيحيّو سوريا بتمثيل المسيحيين من أجل مصالح الشخصيّة، ومن غريب ما نعايشه منذ العام 2005 هو التحالف الوثيق السياسي والانتخابي بين هؤلاء المفرّطين وبين الذين يخرجون للتظاهر هذه الأيام مطالبين بحقوق المسيحيين، ويافطات اتهام تيار المستقبل بـ»الداعشية» وقبله كذلك رئيس الحكومة تمام سلام، بدأت تستفزّ وبشراسة الطائفة التي أخذت قراراً بوقف العدّ، في وقت ترفع فيه الطائفة الحليفة للتيار البرتقالي بإدارة العدّاد ولا تترك مناسبة إلا وتعلن فيها من دون وجه حقّ ولا إحصاء بأنها الأكثريّة!!
ما يحدث، فتح علناً التساؤلات الجديّة عند كثير من اللبنانيين المعتدلين المسلمين، ولماذا علينا أن نوقف العدّ، ما دامت التهم تُكال لنا بمناسبة ومن دون مناسبة، وأمام هذه الهوّة العدديّة بين المسيحيين والمسلمين من يحقّ له أن يطالب بحقوقه؟! سيكون من الصعب جداً احتمال هذا «البحت البرتقالي» في لبنان،وبات السؤال واجباً على المسيحيين المعتدلين: إلى أين سيقودنا تعنّت المصالح الشخصية والعائليّة؟!
ونحن هنا نحذّر من الخطر الدّاهم، نعم هناك أصوات بدأت تتململ من كثرة الصراخ تحت عنوان «حقوق المسيحيين» أو التورية المهذبة لتعطيل الحكومة تحت مسمّى «الشراكة الوطنيّة»، هذا «البحت» والاعتداء على المعتدلين من أبناء لبنان المسلمين، المتمسكين حتى الرمق الأخير بالشراكة الوطنية إلى أين سيقود لبنان مجدداً، ببساطة سيخسر المسيحيون نصف حصتهم على الأقل، وسنذهب باتجاه وصايات رسميّة جديدة!!