Site icon IMLebanon

حاكمة لبنان الادارية

 

درجتُ في هذه الزاوية على اقتباس كلام الراحل الكبير كمال جنبلاط عنواناً كلّما عُين وزير جديد للداخلية. فقد كان، رحمه الله، يقول عن نفسه من وزارة الداخلية «أنا حاكم لبنان الإداري».

 

أمس راقبت عملية التسليم  والتسلم «غير التقليدية» بين الحاكم الاداري السابق والحاكمة الادارية الجديدة.

 

وأقول إنها عملية غير تقليدية لأنها كذلك فعلاً. فلقد أسهب الوزير  نهاد المشنوق في عرض الإنجازات التي حققها (وإن كان اختصرها بخمسة). ولفتني في أقواله ما بين الكلمات الذي لم يكن يقل عن الكلمات المباشرة. مطوّلاً كان «عرض الحال» الذي تقدم به الوزير الصحافي السابق (وربّـما اللاحق. من يدري؟)  وما عرض من إنجازات. وفي التقدير، أو الاستنتاج، أنّ أبا صالح خيّب آمال كثيرين كانوا ينتظرون منه أن يستبدل الكلمات بــ«ما بين الكلمات» ولكنه لم يفعلها أمس.

 

ويقتضي الإنصاف القول إنّ نهاد المشنوق كان وزيراً ناجحاً. ولم يكن الناس حياديين منه، فقد كان هناك من أحبّه، ومن لم يحبّه … ولكن يمكن الجزم بأن أحداً لم يكن لامبالياً إزاءه. وسيكون على الفريقين معاً أن يترقّبا الأسابيع الآتية لمعرفة أي منحى سيتخذه بالنسبة الى موقعه في تيار المستقبل وتحديداً في الكتلة النيابية. وعلى الصعيد العملي هل سيكتفي بلقب «الوزير السابق» أو تراه سيخوض مضماراً عملياً لن يكون بعيداً عن الصحافة؟

 

الى ذلك أوّد أن أُعرب عن إعجابي بالوافدة الجديدة الى وزارة الداخلية. بدايةً لم يكن لي الحظ بالتعرف الى معالي السيّدة ريا الحسن التي كانت بليغة في إيجازها. وجعلتني أشعر وأنا أشاهد الحدث عبر شاشة التلفزيون، إنني أمام «حاكمة لبنان الادارية».

 

تحدثت  وزيرة الداخلية بثقة  كبيرة بالنفس. رسمت خطوطاً  عريضة (بالتفصيل والتسمية وليس بالعموميات) لأولوياتها في ممارسة المسؤولية. كانت  حازمة وجازمة. تناولت الشؤون التي تمسّ الناس في جزئيات يومياتهم.

 

كنّا مجموعة صحافيين ونواب نعاين المشهد المتلفز فأجمع الرأي في ما بيننا على ما ذكرتُه أعلاه. إلاّ أنّ أحد النّواب استدرك قائلاً: إن شاء الله ما يحطوا العراقيل في طريقها.. وكان التعليق الفوري من سائر الحضور: يبدو أنها سيّدة تعرف ما تريد، وتصرُّ على تنفيذ ما تقرّره وتبدو لديها القدرة على تخطّي الصعوبات والعراقيل.

 

وأود أن أهمس في أذن السيدة الحسن: أكثر ما أثار إعجابي كلامك على قانون السير وأزمة المرور. هذه النقطة التي اعتبرها أحد وزراء الداخلية البارزين جداً قبل سنوات طويلة «مسألة صغيرة» … ولكنها من أهم ما يشغل الناس. وأذكر يومها أنه طلب مني استشارة عشية إصدار المراسيم بقوله: تقرر تعييني وزيراً للداخلية فأرجو أن تذكر لي ما تراه أولويات يجدر الاهتمام بها والعمل  عليها. يومها فوجئ بأنني وضعت مسألة السير والمرور  في طليعة البنود التي دوّنتها. فقال لي: ولو؟ هل تعتبر هذا الأمر «الصغير» مهماً؟! ولم يقتنع فتناول قلماً أحمر وشطب هذا البند. واكتفيت بأن قلت له: اسمح لي أن أصارحك بأنك تخطئ.

 

والسيدة ريا الحسن التي كان لها حضور بارز في وزارة المالية تدرك سلفاً، عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها. وتعرف من دون أدنى شك أن لقباً ينتظرها: «المرأة الحديدية» .. اللقب الذي أُطلق على السيدة مارغريت تاتشر…